خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً
١٨
وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً
١٩
وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
٢٠
وَأُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً
٢١
وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
٢٢
سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً
٢٣
وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً
٢٤
هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
٢٥
-الفتح

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (18) لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } قد سبق قصّته.
القمّي عن الصادق عليه السلام قال كتب عليّ عليه السلام الى معاوية انا اوّل من بايع رسول الله تحت الشجرة في قوله لقد رضي الله عن المؤمنين اذا يبايعونك تحت الشجرة { فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ } الطمأنينة وسكون النفس { وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً } فتح خيبر غبّ انصرافهم.
{ (19) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا } يعني مغانم خيبر { وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } غالباً مراعياً مقتضى الحكمة.
{ (20) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرةً تَاْخُذُونَها } وهي ما يفيء على المؤمنين الى يوم القيامة { فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ } يعني مغانم خيبر { وَكَفَّ أَيْدِيَ النّاسِ عَنكُمْ } ايدي اهل خيبر وحلفائهم { وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } امارة يعرفون بها صدق الرسول في وعدهم { وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً } هو الثقة بفضل الله والتوكل عليه.
{ (21) وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا } بعد { عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً }.
{ (22) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } من اهل مكّة ولم يصالحوا { لَوَلَّوُا الأَدْبارَ } لانهزموا { ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً } يحرسهم { وَلا نَصِيراً } ينصرهم.
{ (23) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ } اي سنّ غلبة انبيائه سنّة قديمة فيمن مضى من الامم كما قال
{ { كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِيۤ } [المجادلة: 21] { وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً } تغييراً.
{ (24) وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ } ايدي كفّار مكّة { وَأَيدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مِكَّةَ } في داخل مكّة { مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } القمّي اي من بعد ان اممتم من المدينة الى الحرم وطلبوا منكم الصلح من بعد ان كانوا يغزونكم بالمدينة صاروا يطلبون الصلح بعد ان كنتم تطلبون الصلح منهم { وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً } من مقاتلتهم اوّلا طاعة لرسوله وكفّهم ثانياً لتعظيم بيته وقرىء بالياء.
{ (25) هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً } محبوساً { أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } الهدي ما يهدى الى مكّة ومحلّه مكانه الذي يحلّ فيه نحره { وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسآءٌ مُؤْمِنَاتٌ } القميّ يعني بمكّة { لَمْ تَعْلَمُوهُمْ } لم تعرفوهم باعيانهم لاختلاطهم بالمشركين { أَنْ تَطَؤُهُمْ } اي تواقعوا بهم وتبتدؤهم { فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ } من جهتهم { مَعَرَّة } مكروه كوجوب الدية والكفّارة بقتلهم والتأسف عليهم وتعيير الكفّار بذلك والاثم بالتقصير في البحث عنهم { بِغَيْرِ عِلْمٍ } اي تطؤهم غير عالمين بهم وجواب لولا محذوف لدلالة الكلام عليه والمعنى لا كراهة ان تهلكوا ناساً مؤمنين بين اظهر الكافرين جاهلين فيصيبهم باهلاكهم مكروه لما كفّ ايديكم عنهم.
القمّي اخبر الله عزّ وجلّ نبيّه أنّ علّة الصلح انّما كان للمؤمنين والمؤمنات الذين كانوا بمكّة ولو لم يكن صلح وكان الحرب لقتلوا فلمّا كان الصلح آمنوا واظهروا الاسلام ويقال انّ ذلك الصلح كان اعظم فتحاً على المسلمين من غلبهم { لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ } علّة لما دلّ عليه كفّ الايدي من اهل مكة صوناً لمن فيها من المؤمنين أي كان ذلك ليدخل الله في توفيقه لزيادة الخير والاسلام { مَنْ يَشآءُ } من مؤمنيهم او مشركيهم { لَوْ تَزَيَّلُوا } لو تفرّقوا وتميّز بعضهم من بعض { لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً ألِيماً } بالقتل والسبي القمّي يعني هؤلاء الذين كانوا بمكّة من المؤمنين والمؤمنات لو زالوا عنهم وخرجوا من بينهم لعذّبنا الذين كفروا منهم.
وعن الصادق عليه السلام انّه سئل الم يكن عليّ عليه السلام قويّاً في امر الله فقال بلى قيل فما منعه ان يدفع او يمتنع قال سألت فافهم الجواب منع عليّاً عليه السلام من ذلك آية من كتاب الله تعالى فقيل وايّ آية فقرأ لو تزيّلوا الآية انّه كان لله تعالى ودائع مؤمنون في اصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن عليّ عليه السلام ليقتل الآباء حتّى تخرج الودائع فلمّا خرجت ظهر على من ظهر وقتله وكذلك قائمنا اهل البيت عليهم السلام لن يظهر ابداً حتى يخرج ودايع الله فاذا خرجت يظهر على من يظهر فيقتله.
وفي الاكمال عنه عليه السلام ما في معناه باسانيد متعددة منها قال في هذه الآية لو اخرج الله ما في اصلاب المؤمنين من الكافرين وما في اصلاب الكافرين من المؤمنين { لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا }.