خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً
٢
-الفتح

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (2) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تأَخَّرَ } علّة للفتح من حيث انّه مسبّب عن جهاد الكفار والسعي في ازاحة الشرك واعلاء الدين وتكميل النفوس الناقصة قهراً ليصير ذلك بالتدريج اختباراً وتخليص الضعفة عن ايدي الظلمة.
في المجمع والقمّي عن الصادق عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال ما كان له ذنب ولا همّ بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له.
وفي المجمع عنه عليه السلام انّه سئل عنها فقال والله ما كان له ذنب ولكن الله سبحانه ضمن له ان يغفر ذنوب شيعة عليّ عليه السلام ما تقدّم من ذنبهم وما تأخّر قال بعض اهل المعرفة قد ثبت عصمته صلّى الله عليه وآله فليس له ذنب فلم يبق لاضافة الذنب اليه الاّ ان يكون هو المخاطب والمراد امّته كما قيل ايّاك ادعوا واسمعي يا جارة قال ما تقدم من ذنبك من آدم الى زمانه وما تأخر من زمانه الى يوم القيامة فانّ الكلّ امّته فانّه ما من امّة الا وهي تحت شرع محمد صلّى الله عليه وآله من اسم الباطن من حيث كان نبيّاً وآدم بين الماء والطين وهو سيّد النبيين والمرسلين فانه سيّد الناس فبشر الله تعالى محمد صلّى الله عليه وآله بقوله ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر لعموم رسالته الى الناس كافة وما يلزم الناس رؤية شخصه فكما وجّه في زمان ظهوره رسوله عليّاً عليه السلام الى اليمن لتبليغ الدعوة كذلك وجه الرسل والانبياء الى اممهم من حين كان نبيّاً وآدم بين الماء والطين فدعا الكل الى الله فالكلّ امّته من آدم الى يوم القيامة فبشّره الله بالمغفرة لما تقدّم من ذنوب الناس وما تأخّر منها وكان هو المخاطب والمقصود الناس فيغفر الكل ويسعدهم وهو اللاّيق بعموم رحمته التي وسعت كل شيء وبعموم مرتبة محمد صلّى الله عليه وآله حيث بعث الى الناس كافّة بالنص ولم يقل ارسلناك الى هذه الامة خاصّة وانّما اخبر انّه مرسل الى الناس كافّة والناس من آدم عليه السلام الى يوم القيامة فهم المقصودون بخطاب مغفرة الله لما تقدّم من ذنبه ولما تأخّر.
أقولُ: وقد مضى في المقدمة الثالثة ما يؤدي هذا المعنى.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام قال انّه سئل عن هذه الآية فقال لم يكن احد عند مشركي اهل مكّة اعظم ذنباً من رسول الله صلّى الله عليه وآله لأنّهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنماً فلمّا جاءهم بالدعوة الى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم وقالوا اجعل الالهة الهاً واحداً الى قوله الاّ اختلاق فلمّا فتح الله تعالى على نبيّه صلّى الله عليه وآله مكة قال تعالى يا محمد { إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحَاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } عند مشركي اهل مكّة بدعائك الى توحيد الله فيما تقدّم وما تاخّر لأنّ مشركي مكّة اسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكَة ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه اذ دعا الناس اليه فصار ذنبه عندهم مغفوراً بظهوره عليهم وفي رواية ابن طاوس عنهم انّ المراد منهم ليغفر لك الله ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر عند اهل مكّة وقريش يعني ما تقدّم قبل الهجرة وبعدها فانّك اذا فتحت مكّة بغير قتل لهم ولا استيصال ولا اخذهم بما قدّموه من العداوة والقتال غفروا ما كان يعتقدونه ذنباً لك عندهم متقدّما أو متأخّراً وما كان يظهر من عداوته لهم في مقابلة عداوتهم له فلمّا رأوه قد تحكم وتمكّن وما استقصى غفروا ما ظنّوه من الذنوب { وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } باعلاء الدين وضمّ الملك الى النبوّة { وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً } في تبليغ الرسالة واقامة مراسم الرياسة.