خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإَيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
١١
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ
١٢
-الحجرات

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (11) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسآءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ } اي لا يسخر بعض المؤمنين والمؤمنات من بعض اذا قد يكون المسخور منه خيراً عند الله من الساخر القمّي نزلت في صفيّة بنت حيّ بن اخطب وكانت زوجة رسول الله صلّى الله عليه وآله وذلك انّ عايشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها وتقولان لها يا بنت اليهوديّة فشكت ذلك الى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال لها الا تجيبيهما فقالت بماذا يا رسول الله قال قولي انّ ابي هارون نبيّ الله وعمّي موسى كليم الله وزوجي محمّد رسول الله صلّى الله عليه وآله فما تنكران مني فقالت لهما فقالتا هذا علّمك رسول الله صلّى الله عليه وآله فأنزل الله في ذلك { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ } الآية { وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ } ولا يعيب بعضكم بعضاً { وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ } ولا تدعوا بعضكم بعضاً بلقب السوء { بِئْسَ الإِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمانِ } اي بئس الذكر المرتفع للمؤمنين اي ان يذكروا بالفسق بعد دخولهم الايمان واشتهارهم به { وَمَنْ لَمْ يَتُبْ } عمّا نهي عنه { فَأُولَئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ } بوضع العصيان موضع الطاعة وتعريض النفس للعذاب.
{ (12) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ } كونوا منه على جانب وابهام الكثير ليحتاط في كلّ ظنّ ويتامّل حتّى يعلم انّه من ايّ القبيل { إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ } الاثم الذنب يستحقّ به العقوبة.
في الكافي عن الصادق عن امير المؤمنين عليهما السلام قال ضع امر اخيك على احسنه حتّى يأتيك ما يقلبك منه ولا تظنّن بكلمة خرجت من اخيك سوء وانت تجد لها في الخير محملاً.
وفي نهج البلاغة اذا استولى الصلاح على الزمان واهله ثم اساء رجل الظنّ برجل لم يظهر منه خزية فقد ظلم واذا استولى الفساد على الزمان واهله ثمّ احسن الرجل الظنّ برجل فقد غرّر { وَلاَ تَجَسَّسُوا } ولا تبحثوا عن عورات المؤمنين.
في الكافي عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لا تطلبوا عثرات المؤمنين فانّه من يتبع عثرات اخيه يتبع الله عثرته ومن يتبع الله عثرته يفضحه ولو في جوف بيته { وَلاَ يَغْتَبْ بَعضُكُمْ بَعْضاً } ولا يذكر بعضكم بعضاً بالسوء في غيبته.
في الكافي عن الصادق علي السلام انّه سئل عن الغيبة فقال هو ان تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل وتبثّ عليه امراً قد ستره الله عليه ما لم يقم عليه فيه حدّ وفي رواية وامّا الامر الظاهر فيه مثل الحدّة والعجلة فلا.
وعن الكاظم عليه السلام من ذكر رجلاً من خلفه بما هو فيه ممّا عرفه النّاس لم يغتبه ومن ذكره من خلفه بما هو فيه ممّا لا يعرفه الناس اغتابه ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته.
وفي العيون عن الرضا عليه السلام قال قال رسول الله صلّى الله عليه وآله من عامل الناس فلم يظلمهم وحدّثهم فلم يكذّبهم ووعدهم فلم يخلفهم فهو ممّن كملت مروّته وظهرت عدالته ووجبت اخوّته وحرمت غيبته.
ومثله في الكافي والخصال عن الصادق علي السلام وفي المجمع في الحديث قولوا في الفاسق ما فيه كي يحذره الناس.
وعن النبيّ صلّى الله عليه وآله ايّاكم والغيبة فانّ الغيبة اشدّ من الزنا ثم قال انّ الرجل يزني ويتوب فيتوب الله عليه وانّ صاحب الغيبة لا يغفر له الا ان يغفر له صاحبه ومثله:
في الخصال عن الصادق عليه السلام { أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَاْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } تمثيل لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على افحش وجه مع مبالغات الاستفهام المقرّر واسناد الفعل الى احد للتعميم وتعليق المحبّة بما هو في غاية الكرامة وتمثيل الاغتياب بأكل لحم الانسان وجعل المأكول أخاً ميتاً وتعقيب ذلك بقول فكرهتموه تقريراً وتحقيقاً لذلك وقرىء مشدّداً { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ } لمن اتقى ما نهى عنه وتاب ممّا فرط منه في الجوامع روي انّ ابا بكر وعمر بعثا سلمان الى رسول الله صلّى الله عليه وآله ليأتي لهما بطعام فبعثه الى اسامة بن زيد وكان خازن رسول الله صلّى الله عليه وآله على رحله فقال ما عندي شيء فعاد اليهما فقالا بخل اسامة ولو بعثنا سلمان الى بئر سميخة لغار ماؤها ثم انطلقا الى رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال لهما ما لي ارى خضرة اللّحم في افواهكما قال يا رسول الله ما تناولنا اليوم لحماً قال ظلتم تفكّهون لحم سلمان واسامة فنزلت.