خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ
١٠٢
مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
١٠٣
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ
١٠٤
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
١٠٥
-المائدة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (102) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌُ مِّنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ } حيث لم يأتمروا وجحدُوا.
{ (103) مَا جَعَلَ اللهُ } ما شرع الله { مِنْ بَحيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَحَامٍ } في المعاني عن الصادق أنّ أهل الجاهلية كانوا إذا ولدت الناقة ولدين في بطن واحد قالوا وصلت فلا يستحلّون ذبحها ولا أكلها وإذا ولدت عشراً جعلوها سائبة ولا يستحِلّون ظهرها ولا أكلها والحام فحل الإِبل لم يكونوا يستحلّون فأنزل الله عزّ وجلّ أنّه لم يحرمْ شيئاً من ذلك قال وقد روى أن البحيرة الناقة إذا انتجت خمسة أبطن فان كان الخامس ذكراً نحروه فأكله الرّجال وان كان الخامس أنثى بحروا اذنها أي شقّوه وكانت حراماً على النساء لحمها ولبنها فاذا ماتت حلّت للنّساءِ والسّائبة البعير يسيّب بنذر يكون على الرجل ان سلّمه الله من مرض أو بلّغه منزله أن يفعل ذلك وَالوصيلة من الغنم كانوا إذا ولدت الشّاة سبعة أبطن فان كان السابع ذكراً ذبح وأكل منه الرّجال وَالنّساء وان كان أنثى تركت في الغنم وان كان ذكراً وأنثى قالوا وصلت أخاها فلم تذبح وكان لحومهما حراماً على النساءِ إلاّ أن يموت منها شيء فيحل أكلها للرّجال والنّساءِ والحام الفحل إذا ركب ولد ولده قالوا قد حمى ظهره.
وقد يروى أنّ الحام هو من الإِبل إذا انتج عشرة أبطن قالوا قد حمى ظهره فلا يركب ولا يمنع من كلإٍ ولا ماءٍ { وَلِكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ } بتحريم ذلك ونسبته إليه { وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } إنّ ذلك افتراء وكذب يعني الأتباع الذين يقلّدون في تحريمها رؤساءهم الذين يمنعهم حبّ الرّياسة عن الإِعتراف به.
في المجمع
"عن النّبي صلىّ الله عليه وآله وسلم أنّ لُحى بن قمعة بن جندب كان قد ملك مكّة وكان أوّل من غيّر دين إسماعيل فاتخذ الأصنام ونصب الأوثان وبحر البحيرة وسيّب السّائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي قال رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فلقد رأيته في النّار يؤذي أهل النّار ريح قصبه ويروي تجر قصبه في النار" .
{ (104) وَإذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَواْ إِلَى مَآ أَنْزَلَ اللهُ وَإلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَا } بيان لقصور عقلهم وانهماكهم في التقاليد وان لا سند لهم سواه { أوَلَوْ كَانَ آبَآؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } يعنى أوجبهم ما وجدوا عليه آباءهم ولو كانوا جهلةً ضالّين.
{ (105) يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } احفظوها والزموا صلاحها { لاَ يَضُرُّكُم مَّنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } قيل نزلت لمّا كان المؤمنون يتحسرّون على الكفرة ويتمنّون إيمانهم.
والقميّ قال اصلحُوا أنفسكم ولا تتّبعوا عورات النّاس ولا تذكروهم فانّه لا يضركم ضلالتهم إذا كنتم صالحين.
وفي المجمع
"أنّ أبا ثعلبة سأل رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم عن هذه الآية فقال ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر فاذا رأيت دنيا مؤثرة وشحّاً مطاعاً وهوى متّبعاً واعجاب كلّ ذي رأي برأيه فعليك بخويصّة نفسك وذرعوامهم" { إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } وعد ووعيدُ للفريقين على أنّ أحداً لا يؤاخذ بذنب غيره.