خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَٰتِ وَٱلنُّورَ ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ
١
هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَىۤ أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ
٢
وَهُوَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَفِي ٱلأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ
٣
وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَٰتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ
٤
-الأنعام

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (1) الْحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضَ } وصف نفسه بما نبّه به على أنّه المستحقّ للحمد حُمِد أو لم يحمد ليكون حجّة على العادلين به { وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ } انشأهما والفرق بين الخلق والجعل أنّ الخلق فيه معنى التقدير والجعل فيه معنى التصيير كانشاءِ شيء من شيء { ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِِّهِمْ يَعْدِلُونَ } يعني أنّه خلق ما لا يقدر عليه أحد سواه ثم هم يسوّون به ما لا يقدر على شيء منه ومعنى ثمّ استبعاد عدولهم بعد هذا الوضوح.
في الإِحتجاج عن الصادق عليه السلام في حديث في نزول هذه الآية أنهّا ردّ على ثلاثة أصناف لما قال الحمد لله الذي خلق السَّماوات والأرض كان ردّاً على الدّهرية الّذين قالوا إنّ الأشياءَ لا بدْولها وهي قائمة ثم قال وجعل الظّلمات والنّور فكان ردّاً على الثنويّة الذين قالوا إنّ النّور والظّلمة هما المدّبران ثم قال ثمّ الذين كفروا بربهّم يعدلون فكان ردّاً على مشركي العرب الذين قالوا إنّ أوثاننا آلهة.
{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّنْ طِينٍ } أي ابتدأ خلقكم منه { ثُمَّ قََضَى أجَلاً } كتب وقدّر أجلاً محتوماً لموتكم لا يتقدم ولا يتأخر { وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِنْدَهُ } لموتكم أيضاً يمحوه ويثبت غيره لحكمة الصدقة والدّعاءِ وصلة الرحم وغيرها مما يحقق الخوف والرّجاء ولوازم العبودية فان بها وبأضدادها يزيد العمر وينقص وفيه سرّ البداءِ وقد بيّناه في كتابنا المسمّى بالوافي مستوفى. في الكافي عن الباقر عليه السلام في تفسيرها قال أجلان أجل محتوم وأجل موقوف.
والقمي عن الصادق عليه السلام الأجل المقضيّ هو المحتوم الذي قضاه الله وحتمه والمسمّى هو الذي فيه البداء يقدم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء والمحتوم ليس فيه تقديم ولا تأخير { ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } تشكّون فيه وفي بعثه إيّاكم استبعاد لأمترائهم بعدما ثبت أنّه خالقهم وخالق أصولهم ومحييهم إلى آجالهم فانّ من قدر على خلق الأصول وجمعها وابداع الحياة فيها وابقائها ما يشاء وتوقيفهم في الأجل بعد حتمه إيّاه في الخوف والرّجاءِ بعد قضائه الأمر كان حقيقاً بأن يعبد وكان أقدر على جمع الأصول واحيائها ثانياً فالآية الأولي دليل التوحيد والثانية دليل التوحيد والبعث جميعاً.
{ (3) وَهُوَ اللهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ } هو المعبود فيهما والمعروف بالإِلهية والوحدانية مثل قوله وهو الذي في السّماءِ إله وفي الأرض إله في التوحيد عن الصادق عليه السلام في هذه الآية كذلك هو في كلّ مكان قيل بذاته قال ويحك الاماكن اقدار فاذا قلت في مكان بذاته لزمك ان تقول في اقدار وغير ذلك ولكن هو باين من خلقه محيط بما خلق علماً وقدرةً واحاطةً وسلطاناً وليس علمه بما في الارض بأقل مِمّا في السّماءِ لا يبعد عنه شيء والاشياء عنده سواء علماً وقدرة وسلطاناً وملكاً واحاطةً { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ }.
القميّ قال السّرّ ما أسرّ في نفسه والجهر ما أظهره { وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } من خير وشرٍّ فيثيب عليه ويعاقب.
{ (4) وَمَا تَأتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ } تاركين النّظر فيها غيرَ ملتفتين إليها.