خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ
٤٢
فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ
٤٣
فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ
٤٤
فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٤٥
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ
٤٦
قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلظَّٰلِمُونَ
٤٧
وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ ءَامَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٤٨
وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ ٱلْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ
٤٩
-الأنعام

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (42) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إلى أُمَمٍ مِّنْ قَبْلِكَ } يعني الرّسل فكذّبوهم { فَأخَذْنَاهُمْ بِالْبَأسَآءِ } بالشّدة والفقر { وَالضَّرَّآءِ } والمرض ونقصان الأنفس والأموال { لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } لكي يتضرّعوا ويخضعُوا ويتذلّلوا أو يتوبُوا عن ذنوبهم.
{ (43) فَلَوْلآَ إذْ جَآءَهُمْ بَأسُنَا تَضَرَّعُوا وَلكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } معناه نفي تضرّعهم في ذلك الوقت جاء بلولا ليدلّ على أنّه لم يكن لهم عذر في ترك التضرّع الاّ عنادهم وقسوة قلوبهم واعجابهم بأعمالهم التي زيّنها الشّيطان لهم في نهج البلاغة من كلامة ولو أنّ النّاس حين ينزل بهم النّقم ويزول عنهم النّعم فزعوا الى ربهّم بصدق من نياتهم ووَلَهٍ من قلوبهم لردّ عليهم كلّ شارد وأصلح لهم كلّ فاسِدٍ.
{ (44) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ } من البأساءِ والضّرّاءِ يعني تركوا الإِتّعاظ به { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ } من الصحّة والتّوسعة في الرّزق وقرئ فتّحنا بالتّشديد حيث وقع { حَتَّى إذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُواْ } من الخير والنّعم واشتغلوا بالنّعم عن المنعم { أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً } مفاجأة من حيث لا يشعرون { فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } آيسون من النّجاة والرّحمة متحسّرون.
{ (45) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَومِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ } أي اخرهم لم يترك منهم احد من دبره اذا تبعه { وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } على اهلاك اعدائه واعلاء كلمته فان تخليص أهل الارض في سوء عقايد الكفار وقبيح اعمال العصاة والفجار نقمة جليلة يحق ان يحمد عليها.
في المجمع
"عن النبي صلىّ الله عليه وآله وسلم إذا رأيت الله تعالى يعطى على العاصي فانّ ذلك استدراج منه ثم تلا هذه الآية" وعن أمير المؤمنين عليه السلام يا ابن آدم إذا رأيت ربّك تتابع عليه نعمه فاحذره.
القميّ عن الباقر عليه السلام فلمّا نَسُوا ما ذكروا به يعني فلمّا تركوا ولاية عليّ ابن أبي طالب عليه السلام وقد أمروا بها فتحنا عليهم أبواب كل شيء دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها أخذناهم بغتة يعني بذلك قيام القائم صلوات الله عليه حتى كأنّهم لم يكن لهم سلطان قطّ.
والعياشي عنه عليه السلام لمّا تركوا ولاية عليّ صلوات الله عليه وقد أمروا بها أخذناهم بغتة الآية قال نزلت في ولد العباس.
{ (46) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ } بأن يصمّكم ويعميكم { وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم } بأن يغطّي عليها ما يذهب عقلكم ويسلب تميزكم { مَّنْ إلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأتِيكُم بِهِ } بذلك.
القميّ عن الباقر عليه السلام إن أخذ الله منكم الهدى { انظُرْ كَيفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } قال يعرضون.
{ (47) قُلْ أَرَءََيْتَكُمْ إنْ أتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً } من غير مقدمة وظهور امارة { أَوْ جَهْرَةً } بتقدم امارة قابل البغتة بالجهرة لما في البغتة من معنى الخفية { هَلْ يُهْلَكُ إلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ } ما يهلك هلاك تعذيب وسخط إلا الذين ظلموا بكفرهم وفسادهم.
القميّ نزلت لمّا هاجر رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وأصاب أصحابه الجهد والعلل والمرض فشكوا ذلك إليه يعني لا يصيبكم إلاَّ الجهد والضّر في الدّنيا فامّا العذاب الأليم الذي هو الهلاك فلا يصيب إلاّ القوم الظّالمين.
العيّاشي عن الصادق عليه السلام يؤاخذ بني أميّة بغتة وبني العباس جهرةً.
{ (48) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إلاَّ مُبَشِّرِينَ } المؤمنين بالجنّة { وَمُنْذِرِينَ } الكافرينَ بالنار { فَمَنْ ءَامَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } من العذاب { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } بفوتِ الثواب.
{ (49) وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بآياتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ } جعل العذاب ماسّاً. لهم كأنّه الطّالب للوصول إليهم يفعل بهم ما يريد { بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } بسبب خروجه عن التّصديق والطّاعة.