خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاۤ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ
٥٠
وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
٥١
وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
٥٢
وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ
٥٣
-الأنعام

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (50) قُلْ لآَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللهِ } في التوحيد والمعاني والمجالس عن الصادق عليه السلام لما صعد موسى على نبيّنا وآله وعليه السلام إلى الطّور فنادى ربّه عزّ وجلّ قال يا ربّ أرني خزائنك فقال تعالى يا موسى إنّما خزائني إذا أردت شيئاً أن أقول له كن فيكون { وَلآَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ } الذي اختصّ الله بعلمه وانّما أعلم منه ما يعلّمني الله { وَلآَ أُقُولُ لَكُمْ إنِّي مَلَكٌ } من جنس الملائكة أقدر على ما يقدرون عليه { إِنْ أَتَّبِعُ إلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ } ما انّبئكم بما كان وما يكون إلاّ بالوحي تبرّأ من دعوى الألوهية والملكيّة وادّعى النّبوّة الّتي هي من كمالات البشر ردّاً لاستبعادهم دعواه وجزمهم على فساد مدّعاه.
في العيون عن الرّضا عليه السّلام أنّه سئل يوماً وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم في الشّيء الواحد فقال إن الله عزّ وجلّ حرّم حراماً وأحلّ حلالاً وفرض فرائض فما جاء في تحليل ما حرّم الله أو تحريم ما أحلّ الله أو رفع فريضة في كتاب الله رسمها قائم بلا نسخ نسخ ذلك فذلك شيء لا يسع الأخذ به لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن ليحرّم ما أحلّ الله ولا ليحلّل ما حرّم الله ولا ليغيّر فرائض الله وأحكامه وكان في ذلك كلّه متّبعاً مسلّماً مؤدِّياً عن الله عزّ وجلّ وذلك قول الله عزّ وجلّ إن اتّبع إلاّ ما يوحى إليّ فكان متّبعاً لله مؤدّيا عن الله ما أمر به من تبليغ الرّسالة { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ } قيل الضّالّ والمهتدي.
والقميّ من لا يعلم ومن يعلم.
ونسبه في المجمع الى أهل البيت عليهم السّلام { أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } فلا تكونوا ضالّين أشباه العميان وتنصفوا من أنفسكم.
{ (51) وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِهِّمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّنْ دُونِهِ وَليٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }.
في المجمع عن الصّادق عليه السلام وانذر بالقرآن الّذين يرجون الوصول إلى ربهّم ترغّبهم فيما عنده فانّ القرآن شافع مشفّع.
{ (52) وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ } يعيدونه على الدّوام { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } يبتغون مرضاته مخلصين له وقرئ بالغَدْوة { مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ } جواب النّفي { فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ } جواب النّهي. القميّ قال كان سَبَب نزولها أنّه
"كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمّون أصحاب الصّفّة وكان رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم أمرهم أن يكونوا في صفّة يأوون إليها وكان رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم يتعاهدهم بنفسه وربّما يحمل إليهم ما يأكلون وكانوا يختلفون إلى رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم فيقرّبهم ويقعد معهم ويؤنسهم وكان إذا جاء الأغنياء والمترفون من أصحابه ينكرون عليه ذلك ويقولون اطردهم عنك فجاء يوماً رجل من الأنصار إلى رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم وعنده رجل من أصحاب رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم من أصحاب الصّفّة قد لزق برسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم ورسول الله يحدّثه فقعد الأنصاري بالبعد منهما فقال له رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم تقدّم فلم يفعل فقال له رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم لعلّك خفت أن يلزق فقره بك فقال الأنصاري اطرد هؤلاءِ عنك فأنزل الله { ولا تطرد الّذين يدعون ربّهم } الآية" .
{ (53) وَكّذلِكَ } مثل ذلك الفتن وهو اختلاف أحوال النّاس في أمور الدّنيا { فَتَنَّا } ابتلينا { بَعْضَهُم بِبَعْضٍ } في أمر الدين فقدمنا هؤلاءِ الضّعفاءِ على أشراف قريش بالسّبق إلى الإِيمان { لِّيَقُولُواْ أَهؤُلآَءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ } أي هؤلاءِ من أنعم الله عليهم بالهداية والتوفيق لما يسعده دوننا ونحن الأكابر والرؤساء وهم المساكين والضعفاءِ وهو انكار لأن يخص هؤلاءِ من بينهم باصابة الحقّ والسّبق الى الخير كقولهم لو كانوا خيراً ما سبقونا إليه واللامَ للعاقبة { ألَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ } بمن يقع منه الإِيمان والشكر فيوفّقه وبمن لا يقع منه فيخذله.