خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ
٣٨
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله فَإِنِ انْتَهَوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٣٩
وَإِن تَوَلَّوْاْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ ٱلْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ ٱلنَّصِيرُ
٤٠
وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ ٱلْفُرْقَانِ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٤١
-الأنفال

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (38) قُلْ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ إن يَنْتَهُواْ } عن الكفر ومعاداة الرسول { يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ } من ذنوبهم { وَإن يَعُودُواْ } الى قتاله { فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الأَوَّلِينَ } الذين تحزّبُوا على الأنبياءِ بالتدمير كما جرى على أهل بدر فليتوقّعوا مثل ذلك.
والعياشي عن الباقر عليه السلام أنه قال له رجل إنّي كنت عاملاً لبني أمية فأصبت مالاً كثيراً فظننت أنّ ذلك لا يحلّ لي فسألت عن ذلك فقيل لي إنّ أهلك ومالك وكل شيء لك حرام فقال ليس كما قالوا لك قال فلي توبة قال نعم توبتك في كتاب الله { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف }.
{ (39) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ } لا يوجد فيهم شرك.
القميّ أي كفر قال وهي ناسخة لقوله
{ { كُفُّوۤاْ أَيْدِيَكُمْ } [النساء: 77] ولقوله { { وَدَعْ أَذَاهُمْ } [الأحزاب: 48] { وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ } ويضمحل عنهم الأديان الباطلة.
في الكافي عن الباقر عليه السلام لم يجىء تأويل هذه الآية بعد إن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم رخّص لهم لحاجته وحاجة أصحابه فلو قد جاء تأويلها لم يقبل منهم ولكنهم يقتلون حتى يوحد الله وحتى لا يكون شرك.
وفي المجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام لم يجىء تأويل هذه الآية ولو قد قام قائمنا بعد سَيَرى من يدركه ما يكون من تـأويل هذه الآية وليبغلنّ دين محمد صلَّى الله عليه وآله وسلم ما بلغ الليل حتى لا يكون مشرك على ظهر الأرض كما قال الله تعالى
{ { يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً } [النور: 55] { فَإنِ انْتَهَوْا } عن الكفر { فَإِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيهم على انتهائهم عنه واسلامهم.
{ (40) وَإن تَوَلَّوْا } ولم ينتهُوا { فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَوْلاَكُمْ } ناصركم فثقوا به ولا تبالوا بمعاداتهم { نِعْمَ المَوْلَى } لا يضيع من تولاَّه { وَنِعْمَ النَّصيرُ } لا يغلب من نصره.
{ (41) وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ } قيل أي الذي أخذتموه من الكفّار قهراً.
وفي الكافي عن الصادق عليه السلام هي والله الإِفادة يوماً بيوم.
أقول: يعني استفادة المال من أية جهة كانت { فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ولِلرَّسُولِ وَلِذيِ الْقُرْبَى وَالْيَتَامى وَالْمسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ }.
في الكافي عن الباقر عليه السلام إنّ ذا القربى هم قرابة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم والخمس للرسُول ولنا.
والعياشي عن أحدهما عليهما السلام مثله وزاد انّه سئل منهم اليتامى والمساكين وابن السبيل قال نعم.
وفي الكافي والتهذيب عن أمير المؤمنين عليه السلام نحن والله عنى بذي القربى الّذينَ قرنهم الله بنفسه وبرسوله فقال ما افآءَ الله على رسوله من أهل القرى فلِلّهِ وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل منا خاصة قال ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيباً أكرم الله نبيّه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس.
وفي الكافي عن الرضا عليه السلام أنه سئل عن هذه الآية فقيل له فما كان لله فلمن هو فقال لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وما كان لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم فهو للإِمام فقيل له أرأيت ان كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقل ما يصنع به قال ذاك إلى الإِمام أرأيت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم كيف يصنع أليس انّما كان يعطي على ما يرى كذلك الإِمام.
وفي الفقيه والتهذيب والعياشي عن الصادق عليه السلام أما خمس الله فللرسول يضعه في سبيل الله وأما خمس الرسول فلأَقاربه وخمس ذوي القربى فهم أقرباؤه ويتامى أهل بيته فجعل هذه الأربعة الأسهم فيهم وأما المساكين وابن السبيل فقد عرفت انا لا نأكل الصدقة ولا تحلّ لنا فهي للمساكين وأبناءِ السبيل.
وفي التهذيب عن أحدهما عليهمَا السلام خمس الله للامام وخمس الرّسُول للإِمام وخمس ذي القربى لقرابة الرّسول والإِمام واليتامى يتامى الرسول والمساكين منهم فلا يخرج منهم إلى غيرهم.
والقمّي فهم أيتام آل محمد صلوات الله عليهم خاصة ومساكينهم وأبناءُ سبيلهم فمن الغنيمة يخرج الخمس ويقسّم على ستة أسهم سهم لله وسهم لرسول الله وسهم للإِمام فسهم الله وسهم الرّسُول يرثه الإِمام فيكون للإِمام ثلاثة أسهم من ستّة والثلاثة الأسهم لأيتام آل الرّسُول صلوات الله عليهم ومساكينهم وأبناءِ سبيلهم وانما صارت للإمام وحده من الخمس ثلاثة أسهم لأنّ الله تعالى قد ألزمه بما الزم النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم من تربية الأيتام ومؤن المسلمين وَقضاء ديونهم وحملهم في الحج والجهاد وذلك قول رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لما أنزل عليه
{ { ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [الأحزاب: 6] وهو أبٌ لهم فلما جعله الله أباً للمؤمنين لزمهم ما يلزم الوالد للولد فقال عند ذلك "من ترك مالاً فلورثته ومن ترك ديناً أو ضياعاً فعليّ وإليّ" فلزم الإِمام ما لزم الرسول صلَّى الله عليه وآله وسلم فلذلك صار له من الخمس ثلاثة أسهم { إِن كُنتُمْ ءَامَنْتُمْ بِاللهِ } متعلق بمحذوف يعني إن كنتم امنتم بالله فاعلموا أنّ الخمس من الغنيمة يجب التقرّب به فاقطعوا عنه أطماعكم واقتنعوا بالأخماس الأربعة { وَمَآ أَنزَلْنَا } وبما أنزلنا { عَلَى عَبْدِنَا } محمد صلَّى الله عليه وآله وسلم من الآيات والملائكة والنصر { يَوْمَ الْفُرْقَانِ } يوم بدر فانه فرق فيه بين الحق والباطل { يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ } المسلمون والكفار.
وفي الخصال في حديث الأعسال عن الباقر عليه السلام ليلة التقى الجمعان ليلة بدر { وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } فيقدر على نصر القليل على الكثير والإِمداد بالملائكة.