خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
٥٣
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَآ آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ
٥٤
إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
٥٥
ٱلَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ
٥٦
فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي ٱلْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
٥٧
وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ
٥٨
وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُوۤاْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ
٥٩
وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ
٦٠
-الأنفال

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (53) ذَلِكَ } اشارة إلى ما حلّ بهِم { بِأَنَّ اللهَ } بسبب أنّ الله { لَمْ يَكُ مُغَيِّراً } لا يصح في حكمته أن يغيّر { نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ } مبدّلاً إيّاها بالنّقمةِ { حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ } يبدّلوا ما بهم من الحال إلى حال أسوء كتغيير قريش حالهم في صلة الرّحم والكفّ عن تعرّض الآيات والرسل بمعاداة الرّسول ومن تبعه منهم والسّعي في اراقة دمائهم والتكذيب بالآيات والإِستهزاءِ بها إلى غير ذلك ممّا أحدثوه بعد البعث { وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ } لما يقولون { عَلِيمٌ } بما يفعلون.
في الكافي عن الصادق عليه السلام إنّ الله بعث نبيّاً من أنبيائه إلى قومه وأوحى إليه أن قل لقومك أنّه ليس من أهل قرية ولا ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سرّاء فتحوّلوا عمّا أحبّ إلى ما أكره الاّ تحوّلت لهم عمّا يحبّون إلى ما يكرهون وليس من أهل قرية ولا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضرّاء فتحوّلوا عمّا أكره إلى ما أحبّ إلاّ تحوّلت لهم عمّا يكرهون إلى ما يحبون الحديث.
وعنه عليه السلام أنّه يقول كان أبي يقول إنّ الله قضى قضاءً حتماً لا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إيّاه حتى يحدث العبد ذنباً يستحق بذلك النّقمة.
{ (54) كَدَأْبِ ءَالِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ رَبِهِّمْ فَاْهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَآ ءَالَ فِرْعَوْنَ } تكرير للتّأكيد وفي قوله بآيات ربِّهم زيادة دلالة على كفران النّعم وفي ذكر الإِغراق بيان للأخذ بالذّنوب { وَكُلٌّ } من غرقى آل فرعون وقتلى قريش { كَانُواْ ظَالِمِينَ } أنفسهم بكفرهم ومعاصيهم.
{ (55) إنَّ شَرَّ الدَّوَآبِّ عِندَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ } أصرّوا على الكفر ورسخوا فيه { فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } فلا يتوقع منهم إيمان.
القميّ والعياشي عن الباقر عليه السلام نزلت في بني أميّة فهم أشرّ خلق الله هم الذين كفروا في بطن القرآن.
{ (56) الَّذِينَ عَاهَدْتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ } قيل هم يهود بني قريظة عاهدهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم على أن لا يمالئوا عليه عدوّاً فنكثوا بأن أعانوا مشركي مكة بالسلاحِ وقالوا نسينا ثم عاهدهم فنكثوا ومالئوا عليه الأحزاب يوم الخندق.
والقميّ هم أصحابه الذين فرّوُا يوم أُحد { وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ } لا يخافون عاقبة الغدر ولا يبالون ما فيه من العار والنار.
{ (57) فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ } تصادفنهم وتظفر بهم { فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم } ففرق عن محاربتك ونكّل عنها بقتلِهم والنكاية فيهم { مَّنْ خَلْفَهُمْ } من وراء من الكفرة والتشريد تفريق على اضطراب { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } يتعظُونَ.
{ (58) وَإمّا تَخَافَنَّ مِن قَومٍ } معاهدين { خِيَانَةً } نقض عهد بامارات تلوح لك { فَانبِذْ إلَيْهِمْ } فاطرح اليهم عهدهم { عَلَى سَوآءٍ } عَلى طريق مقتصد مستوٍ في العداوة وذلك بأن تخبرهم بنقضِ العهد إخباراً ظاهراً مكشوفاً يتبين لهم أنّك قطعت ما بينك وبينهم ولا تبدأهم بالقتال وهم على توهّم العهد فيكون ذلك خيانة { إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْخَآئِنِينَ } فلا تخنهم بأن تناجزهم القتال من غير اعلامهم بالنّبذ.
القميّ نزلت في معاوية (لـــع) لمّا خان أمير المؤمنين عليه السلام.
{ (59) وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ } وقرئ بالياءِ { سَبَقُواْ } فاتوا من أن يظفر بهم { إنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ } لا يفوتون ولا يجدون طالبهم عاجزاً من ادراكهم وقرئ بالفتح بمعنى لأنّهم.
{ (60) وَأَعِدُّواْ } أيّها المؤمنون { لَهُم } للكفار { مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ } من كل منا يتقوّى به في الحرب.
في الكافي والعياشي مرفوعاً والعامّة
"عن النّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم انّ القوّة الرّمي" .
والعياشي عن الصادق عليه السلام سيف وترس.
والقميّ قال السّلاح.
وفي الفقيه عنه عليه السلام منه الخضاب بالسّواد { وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ } والرّباط اسم للخيل والتي تربط في سبيل اللهِ { تُرْهِبُونَ بِهِ } تخوّفون به وقرئ بالتشديد { عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوُّكُمْ } كفّار مكة { وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ } من غيرهم من الكفرة { لاَ تَعْلَمُونَهُمُ } لا تعرفونهم بأعيانهم لأنّهم يصلّون ويصومون { يَعْلَمُهُمْ } يعرفهم لأنّه المطّلع على الأسرار { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إلَيْكُمْ } جزاؤه { وَأنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } بتضييع العمل او نقص الثواب.