خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ
٥٨
وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ
٥٩
إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
٦٠
-التوبة

الصافي في تفسير كلام الله الوافي

{ (58) وَمِنْهُم مَّنْ يَلْمِزُكَ } يعيبك { فِي الصَّدَقَاتِ } في قسمتها { فَإنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإن لَّمْ يُعْطَواْ مِنْهَآ إذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } يعني أنّ رضاهم وسخطهم لأنفسهم لا للدّين.
في المجمع عن الباقر عليه السلام بينا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم يقسّم قسماً اذ جاءه ابن ذي الخويصرة التّميمي وهو حرقوص بن زهير أصل الخوارج فقال اعدل يا رسول الله فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل. الحديث إلى أن قال فنزلت.
والقميّ نزلت لمّا جاءت الصدقات وجاءَ الأغنياء وظنّوا أن رسول اللهِ صلَّى الله عليه وآله وسلم يقسّمها بينهم فلمّا وَضَعها في الفقراءِ تغامزوا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ولمزوه وقالوا نحن الّذين نقوم في الحرب وننفر معه ونقوّي أمره ثم يدفع الصّدقات إلى هؤلاءِ الذين لا يعينونه ولا يغنون عنه شيئاً.
وفي الكافي والمجمع والعياشي عن الصادق عليه السلام إنَّ أهل هذه الآية أكثر من ثلثي الناس.
{ (59) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُواْ مَآ آتَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ } ما أعطاهم الرَّسُول صلَّى الله عليه وآله وسلم من الغنيمة أو الصّدقة وذكر الله للتعظيم والتنبيه على أنّ ما فعله الرّسُول صلَّى الله عليه وآله وسلم كان بأمره { وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ } كفانا فضله { سَيُؤْتِينَا اللهُ مِن فَضْلِهِ } صدقة أو غنيمة أخرى { وَرَسُولُهُ إنَّآ إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ } في أن يوسع علينا مِن فضله وجواب الشرط محذوف تقديره لكان خيراً لهم.
{ (60) إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ } أي الزّكاة لهؤلاءِ المعدودين دون غيرهم { فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ } فرض لهم فريضةً { وَاللهُ عَليمٌ حَكِيمٌ } يضع الأشياء مواضعها.
في الكافي والعياشي عن الصادق عليه السلام الفقير الذي لا يسأل الناس والمسكين أجهد منه والبائس أجهدهم.
وفي المجمع عن الباقر عليه السلام الفقير هو المتعفّف الذي لا يسأل والمسكين الذي يسأل.
والقميّ عن الصادق عليه السلام أنّه سئل من هم فقال الفقراء هم الذين لا يسألون وعليهم مؤنات من عيالهم والدليل على أنّهم هم الذين لا يسألون قول الله تعالى في سورة البقرة
{ { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً } [الآية: 273].
والمساكين هم أهل الزمانة من العميان والعُرجان والمُجذَمِينَ وجميع أصناف الزمنى من الرجال والنساء والصبيان والعاملين عليها هم السعاة والجُباة في أخذها وجمعها وحفظها حتى يؤدّوها إلى من يقسمها والمؤلّفة قلوبهم قوم وحّدُوا الله ولم يدخل المعرفة قلوبهم إنّ محمّداً رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم فكان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم يتألّفهم ويعلّمهم كي ما يعرفوا فجعل الله لهم نصيباً في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا في الرقاب قوم قد لزمهم كفارات في قتل الخطـأ وفي الظهار وقتل الصيد في الحرم وفي الإِيْمَان وليس عندهم ما يكفرون وهم مؤمِنون فجعل الله لهم سهماً في الصدقات ليكفّر عنهم والغارمين قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة الله من غير اسراف فيجب على الإِمام أن يقضي ذلك عنهم ويكفيهم من مال الصدقات وفي سبيل الله قوم يخرجون في الجهاد وليس عندهم ما ينفقون أو قوم من المسلمين ليس عندهم ما يحجّون به أو في جميع سبيل الخير فعلى الإِمام أن يعطيهم من مال الصّدقات حتى يتقَّووا به على الحجّ والجهاد وابن السّبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة الله فيقطع عليهم ويذهب مالهم فعلى الإِمام أن يردّهم إلى أوطانهم من مال الصّدقات والصّدقات تتجزّى ثمانية أجزاء فيعطى كلّ انسان من هذه الثمانية على قدر ما يحتاجون إليه بلا اسراف ولا تقتير يقوم في ذلك الإِمام يعمل بما فيه الصّلاح.
وفي الكافي عن الباقر عليه السلام ما كانت المؤلّفة قلوبهم قطّ أكثر منهم اليوم وهم قوم وحّدوا الله وخرجوا من الشّرك ولم يدخل معرفة محمّد صلَّى الله عليه وآله وسلم قلوبهم وما جاء به فتألّفهم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم وتألّفهم المؤمنون بعد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم لكي ما يعرفوا، والعياشي عنه عليه السلام ما في معناه، وفي الفقيه والعياشي عن الصادق عليه السلام سئل عن مكاتب عجز من مكاتبته وقد أدّى بعضها قال يؤدّي عنه من مال الصّدقة إنّ الله عزّ وجل يقول في كتابه { وفي الرقاب }.
وفي الكافي والعياشي عنه عليه السلام قال:
"قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم أيّما مسلم أو مؤمن مات وترك دَيْناً لم يكن في فساد ولا اسراف فعلى الإِمام أن يقضيه فان لم يقضه فعليه اثم ذلك إنّ الله تعالى يقول { إنّما الصدقات للفقراءِ والمساكين }" الآية فهو من الغارمين وله سهم عند الإِمام فان حبسه فاثمه عليه.
وفيه عنه عليه السلام كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم يقسّم صدقة أهل البوادي في أهل البوادي وصدقة أهل الحَضَر في أهل الحضر ولا يقسّمها بينهم بالسّويّة وانّما يقسّمها على قدر ما يحضرها منهم وما يرى وليس في ذلك شيء موقّت موظّف.
وعنه عليه السلام سهم المؤلّفة قلوبهم وسهم الرّقاب عامّ والباقي خاصّ يعني خاصّ بالعارف لا يعطي غيره.
وفي الخصال عن الباقر عليه السلام لا تحلّ الصدقة لبني هاشم إلاّ في وجهين إن كانوا عطاشاً فأصابوا ماءً فشربوا وصدقة بعضهم على بعض.