خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيۤ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيْءٍ ذٰلِكَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ
٣٨
-يوسف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَٱتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيۤ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } اضاف الملّة الى آبائه اشارة الى علوّ نسبته بانتسابه الى من كان ذا ملّة وصاحب شريعة وصرّح باسمائهم لكونهم مشهورين بعلوّ الشّأن وشرافة الرّتبة ومقبولين عند الكلّ خصوصاً ابراهيم (ع) لذلك، وبعد ما عرّفهم نسبه وانّه (ع) من اهل بيت النّبوّة والشّرف اثبت لهم مذهبه وانّه التّوحيد وعرّض بذمّ مذهبهما وانّه خلاف مذهب الانبياء (ع) والاشراف فقال { مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } شيئاً يسيرا من اصناف الاشراك كالاشراك فى الوجوب كاشراك اكثر الثّنويّة القائلة بانّ للعالم مبدئين قديمين واجبين النّور والظّلمة او يزدان واهريمن، وكاشراك الزّنادقة من الدّهريّة والطّبيعيّة القائلة بانّ الدّهر او الطّبع واجب ومبدء فانّ هذا القول اشراك بحسب نفس الامر، وكالاشراك فى الآلهة كاشراك بعض الثّنويّة القائلة بوحدة الواجب تعالى وآلهته المبدئين، وكاشراك الصّابئة القائلة بآلهة الكواكب وتربيتها لعالم العناصر ومخلوقيّتها للحقّ الاوّل تعالى على كثرة مذاهبهم، وكاشراك اكثر من قال بسلطنة الملائكة او الجنّة على اختلاف طرقهم، وكالاشراك فى العبادة كاشراك الوثنيّة وعابدى العناصر ومواليدها من الاحجار والاشجار والحيوان، وكالاشراك فى الطّاعة كاشراك من اطاع السّلاطين والحكّام والاغنياء والشّياطين والاهواء ومنتحلى العلم والامامة والفتيا من غير اذنٍ واجازةٍ من الله ولا ممّن اجازه الله كالرّهبان والاحبار مترأّسى الملّة والطّريق من كلّ ملّة وطريق، وكالاشراك فى النبوّة كاشراك من بايع من ليس نبيّاً ولا خليفة له بيعة عامّة نبويّة، وكالاشراك فى الولاية كاشراك من بايع من ليس بولىٍّ بيعة خاصّة ولوية، ولمّا كان هذا الاشراك مستلزماً لما سبق من انواع الاشراك وبتوحيد الولاية يحصل جملة انواع التّوحيد كما لا يخفى على العارف بالولاية، وانّها لا تحصل الاّ بما قرّر من الائمّة (ع) فسّر الاشراك فى اكثر الآيات بالاشراك فى الولاية فى اخبارنا المعصوميّة، وكالاشراك فى الوجود قالاً او حالاً او شهوداً وقلّما ينفكّ الانسان عن هذا الاشراك والى هذا الاشراك اشار تعالى بقوله: { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } فاشار (ع) بقوله من شيءٍ الى نفى جملة انواع الاشراك سواء جعل من شيءٍ مفعولاً مطلقاً كما مضى او مفعولاً به وهو تعريض بهما وبقومهما لانّهم اشركوا اكثر انواع الاشراك، ولمّا لم يمكن الخروج من جملة انواع الشّرك الاّ بالفناء التّامّ الّذى هو الفناء عن الفناء وكان هذ الفناء بحيث ان كان بعده بقاء لم يكن البقاء الاّ بالنّبوّة والرّسالة والخلافة وكان الكلّ من شعب فضله تعالى، كما انّ الولاية الّتى هى اصل تلك رحمته وكان النّبوّة وتاليتاها كما انّها فضل على الموصوف فضلاً على من كان الموصوف فيهم ومبعوثاً عليهم قال { ذٰلِكَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } لانّهم لا يعرفون قدر النّبوّة ولا يقومون بواجب حقّها بل يعرضون عنها ويجحدونها.