خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً
٣٦
-الإسراء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } لا تتّبع مدركاً لم يتعلّق علم منك به سواء كان الاتّباع بالاتيان به بالجوارح كالاتيان بالافعال الّتى لم تعلم صحّتها منك او بالاصغاء كالاصغاء الى ما تعلم صحّة الاصغاء اليه منك، او الابصار كطموح النّظر الى ما لم تعلم صحّة النّظر منك اليه، او الاقوال كجريان ما لم تعلم صحّة جريانه على لسانك ومنه الافتاء بما لم تعلمه صحّة الافتاء منك به، وبهذه الآية وامثالها تمسّك من منع من الافتاء بالظّنّ والرّأى والقياس والاستحسان ومن منع من تقليد من لم يأذن الله بلا واسطةٍ او بواسطةٍ فى امامته وقال: لا بدّ للمفتى من العلم القطعىّ بصحّة افتائه كالائمّة (ع) ومن اجازوه للافتاء وللمقلّد من العلم القطعىّ بصحّة تقليد من يقلّده امّا بنصٍّ واجازةٍ صحيحة صريحة فى امامته او ببصيرة باطنةٍ بحاله، وامّا الّذين يستبدّون بآرائهم فى الاحكام من غير وحىٍ والهامٍ ومن غير اجازة ولو بوسائط من صاحب الوحى والالهام واتباعهم الّذين يقلّدونهم ويتّبعونهم من غير علمٍ بكونهم صاحبى الوحى والالهام او صاحبى الاجازة الصّحيحة فهم مقتفون ما ليس لهم به علمٌ، وقيل: انّ المراد بالعلم ههنا اعمّ من الظّنّ فيشمل الظّنّ بالاحكام من القياس والاستحسان العقلىّ والرّأى من اىّ وجهٍ كان ولو كان كذلك لكان التّعبير بالظّنّ اولى، لانّ النّهى عن اتّباع ما ليس به ظنّ يستلزم بمفهوم مخالفته الامر باتّباع المظنون والمعلوم يقيناً بخلاف النّهى عن اتّباع غير المعلوم، ولمّا كان الافعال والاقوال غير خاليةٍ من سببيّة واحدٍ من السّمع والبصر والفؤاد لها او اكثر قال فى مقام تعليل النّهى { إِنَّ ٱلسَّمْعَ وَٱلْبَصَرَ وَٱلْفُؤَادَ كُلُّ أُولـٰئِكَ } المذكورين على استعمال اولئك فى العقلاء او كلّ اولئك الثلاثة على استعماله فى مطلق الجمع مذكّراً كان او مؤنّثاً عاقلاً او غير عاقل { كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } اى يسأل عنه ما فعل صاحبك بك؟ او ما فعلت لصاحبك؟ ما سمعت وما ابصرت؟ وما تعقّلت وما تخيّلت؟ "ونسب الى النّبىّ (ص) انّه قال: ابو بكر سمعى، وعمر بصرى، وعثمان فؤادى" فقيل هل فى ذلك، فقرأ الآية، وورد عن الصّادق (ع) انّه قال: من نام بعد فراغه من اداء الفرائض والسّنن والواجبات من الحقوق فذلك نوم محمودٌ وانّى لا اعلم لاهل زماننا هذه اذا أتوا بهذه الخصال اسلم من النّوم لانّ الخلق تركوا مراعاة دينهم ومراقبة احوالهم واخذوا شمال الطّريق والعبد ان اجتهد ان لا يتكلّم كيف يمكنه ان لا يسمع الاّ ماله مانع من ذلك وهو النّوم، وانّ النّوم اخذ تلك الآلات قال الله تعالى انّ السّمع والبصر (الآية).