خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ
٢٠٠
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَّنَاسِكَكُمْ } جملة افعال الحجّ الى الثّالث عشر من ذى الحجّة { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } حيثما كنتم او مناسككم بعرفات والمزدلفة فاذكروا الله بمنى ومكّة او اذا قضيتم مناسككم فيهما وفى منى بالحلق او التّقصير فاذكروا الله بمكّة او اذا قضيتم فى هذه المواضع وفى مكّة فاذكروا الله فى ايّام منى، ويؤيّده تفسير الذّكر بالتكبيرات فى ايّام منى { كَذِكْرِكُمْ آبَآءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً } نسب الى الباقر (ع) انّه قال: كانوا اذا فرغوا من الحجّ يجتمعون هناك ويعدّون مفاخر آبائهم ومآثرهم فأمر الله سبحانه ان يذكروه مكان ذكر آبائهم فى هذا الموضع او اشدّ ذكراً { فَمِنَ ٱلنَّاسِ } عطف نحو عطف التّفصيل على الاجمال باعتبار المعنى كأنّه قيل النّاس فى ذكر الله أصناف او قائم مقام جزاء شرط محذوف كأنّه قال: واذا ذكرتم الله فأخلصوا نيّاتكم عن طلب الدّنيا لأنّ من النّاس { مَن يَقُولُ رَبَّنَآ آتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا } ولم يذكر المسؤل للاشعار بأنّه من جنس الدّنيا فلا حاجة الى ذكره بخلاف المؤمن فانّه لا يطلب فى الدّنيا الاّ ما هو مطلوب للآخرة ولذلك ذكر مطلوبه.
اعلم انّ الدّنيا معبر الكلّ لا وقوف لاحد فيها قد وكّل الله على كلّ نفس جنوداً كثيرة يعنفونه السّلوك الى الآخرة لا يدعونه يقف آناً واحداً فى مقام، فالاحمق من يظنّ المقام فيها ويطلب من القادر الغنىّ ما يتركه ويذهب هو عنه فالطّلب للدّنيا من غاية العمى عنها وعن الآخرة، ولمّا كان النّاظر الى الدّنيا اعمى عنها وعن ذهابها عنه وكان لا يطلب فيها للآخرة شيئاً وما يطلب للدّنيا لا يبقى معه فيخرج من الدّنيا صفر اليدين من متاع الدّنيا والآخرة قال تعالى { وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } نصيب من الخير فانّه يستعمل فى الخير.