خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ
٢٠٤
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ } تخلّل الاجنبىّ يمنع من عطفه على قوله { من النّاس من يقول ربّنا آتنا } (الى آخرها)، وانشائيّة الجمل السّابقة تمنع من عطفه عليها، وكون الواو للاستيناف ممّا يمنع منه السّليقة المستقيمة فبقى ان يكون عطفاً على محذوف مستفاد من السّابق فكأنّه قال: فمن النّاس من يذكر الله من غير نفاق لمحض الدّنيا، ومنهم من يذكره للدّنيا والآخرة، ومنهم منافق لا يذكر الله الاّ للتّدليس وهو بحيث يعجبك قوله { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } حال عن مفعول يعجبك او متعلّق بقوله او حال عنه او عن الضّمير فى قوله يعنى اذا تنزّلت فى مقام الحياة الدّنيا ونظرت من ذلك المقام الى مقاله تعجّبت منه او هو اذا تكلّم فى امر الحياة الدّنيا او حفظها تعجّبت منه لا اذا كنت فى مقام الحياة الاخرى، او لا اذا تكلّم فى الحياة الاخرى { وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ } ادّعاء بادّعاء انّ ما فى قلبه هو الحقّ الموافق لقوله لا على ما فى قلبه حقيقة فانّه يدلّس باظهار ما لم يكن فى قلبه والمراد بالاشهاد جعله متحمّلاً للشّهادة او مؤدّياً لها وهذا ديدن الكذّاب فانّه لمّا لم يجد من يصدّقه ولا ما يحتجّ به يحلف بالله ويشهد بالله وصار قولهم: الكذّاب حلاّف مثلاً، وقد اشار تعالى بقوله: { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } [القلم:10] الى انّه كذّاب { وَهُوَ أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ } الَدُ افعل مثل احمر وليس للتّفضيل مثل افضل بمعنى الخصم الشّحيح الّذى لا يزيغ الى الحقّ، والخصام مصدرٌ، او جمعٌ لخصم والآية عامّة لجملة المنافقين وان ورد فى نزولها انّها فى معاوية ومن وافقه.