خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٢١٨
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } كلام مستأنف لتشريف المؤمنين ورفع الجناح عن المسلمين المقاتلين فانّه كما قيل: نزل فى السريّة الّتى قاتلوا وقتلوا فى اوّل رجب، وكثر القول فيه وعاب المشركون والمسلمون ذلك كأنّه بعد ما نزلت الآية الاولى سأل سائل: هل يكون اجر لهؤلاء المقاتلين فى رجب؟ - فقال مؤكّداً لكون المخاطبين فى الشّكّ من ذلك: { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } اى اسلموا فانّ المراد بالايمان فى أمثال المقام هو احد معانى الاسلام وقد مرّ فى اوّل السّورة معانى الاسلام والايمان مفصّلة { وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ } كرّر الموصول اهتماماً بشأن الهجرة كأنّها اصل برأسه مثل الايمان ولا سيّما الهجرة عن مقام النّفس الّذى هو دار الشّرك حقيقة الى مقام القلب الّذى هو دار الايمان حقيقة { وَجَاهَدُواْ } لم يأت بالموصول للاشارة الى التّلازم بين الهجرة والجهاد كأنّهما شيء واحد فانّ الانسان بعد الاسلام ما لم يهجر الوطن لم يظهر مغايرته للمشركين وما لم يظهر مغايرته لم يكن قتال ومخالفة { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } قد مضى نظيره وأنّه ظرف لغو ظرفيّة مجازيّة او حقيقيّة، او ظرف مستقر كذلك { أُوْلۤـٰئِكَ } كرّر المبتدأ باسم الاشارة البعيدة للاحضار والتّفخيم { يَرْجُونَ } قد مضى انّ عادة الملوك تأدية الوعد بأدوات التّرجّى وانّ وعد الملوك لا يتخلّف ولو كان بلفظ التّرجّى ووعيدهم كثيراً ما يتخلّف ولو كان بنحو الجزم { رَحْمَتَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ غَفُورٌ } يغفر { مساوأهم } { رَّحِيمٌ } يغشيهم برحمته بعد الغفران.