خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
٢٢٥
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱلَّلغْوِ فِيۤ أَيْمَانِكُمْ } اى بالاتيان بكلامٍ غير معتدٍّ به فى الايمان او بالخطاء فى الايمان وعلى اىّ تقدير فالظّرف لغو متعلّق باللّغو لكونه مصدراً مقتضياً لها الظّرف ولا حاجة الى جعله ظرفاً مستقرّاً حالاً من اللّغو والمراد به الايمان التّأكيديّة الّتى ليست مرادفة للنذر والعهد ولا مثبتة لحقّ او مبطلة لحقّ، وقيل: المراد باللّغو فى الايمان الخطاء فيها بان يحلف صادقاً ثمّ تبيّن انّه اخطأ وكان كاذباً فلا اثم عليه ولا كفّارة، وقيل: المراد اليمين الّتى يحلف بها الغضبان فلم يكن فيها كفّارة ان حنث، وقيل كلّ يمين ليس له الوفاء بها ولا يكون فى حقّ ولا كفّارة فيها فهى لغو { وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } بالّذى كسبته او بكسب قلوبكم.
اعلم انّ العمل فعلاً كان او قولاً اذا لم يكن عن نيّة قلبيّة واعتقاد جازم بالغاية المترتّبة عليه كان لغواً ولا يثبت منه أثر معتدٌّ به فى القلب ولا يصدق عليه انّه كسب القلب منه شيئاً واذا كان من نيّة قلبيّة واعتقاد جازم بالغاية منه حصل صورة ذلك العمل فى مقام اجمال النّفس اوّلاً ثمّ فى مقام تفصيلها ثمّ حرّك الشوقيّة ميلاً وعزماً وارادة ثمّ حرّكت الارادة القوّة المحرّكة ثمّ حرّكت المحرّكة الاعصاب ثمّ الاوتار والعضلات والاعضاء ثمّ يحدث الفعل ثمّ ينتقل ذلك العمل من طريق الباصرة او السّامعة الى الحسّ المشترك ثمّ الى الخيال والواهمة ثمّ الى مقام اجمال النّفس، فبانتقاش الفعل مرّتين فى النّفس وآلاته يحصل اثر ثابت فيها فيصدق عليها انّها كسبت من العمل شيئاً، فمعنى قوله تعالى { وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } يؤاخذ على يمين تورث اثراً فى قلوبكم بسبب العزم عليها من قلوبكم وانتقاشها فيها وفى آلاتها مرّتين { وَٱللَّهُ غَفُورٌ } يغفر لغو الايمان ولا يؤاخذكم به { حَلِيمٌ } لا يعجل بمؤاخذة ما يؤاخدكم عليه ثمّ ذكر تعالى قسماً واحداً من اقسام الايمان الّتى يؤاخذ بها فقال { لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ }.