خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
٢٣٤
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ } توفّى الشّيء اخذه بتمام اجزائه وتوفّى الانسان اخذ روحه بتمام فعليّاتها، واستعمال التّوفّى فى قبض الرّوح للاشعار بأنّه لا يبقى بعد الموت فى الدّنيا من الانسان الاّ مادّة قابلة لا مدخليّة لها فى الانسان لا فى حقيقته ولا فى تشخّصه { وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ } قد مضى بيان التّربّص بالأنفس عند قوله تعالى { والمطلّقات يتربّصن بأنفسهنّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً } اى عشرة ايّام لكنّه انّث العشر لتقدير اللّيالى جمع اللّيلة تميزاً.
بيان حكمة عدّة النّساء
اعلم انّ الحكمة فى العدّة، عدّة اشياء: الاوّل حفظ حرمة المؤمن، والثّانى ترقّب حصول الرّغبة من الطّرفين بمضىّ مدّة لم يتضاجعا وحصول المراجعة والمواصلة بينهما فانّ الطّلاق والفرقة مبغوضان لله، والوصال والالفة محبوبان له، والثّالث تبرئة الرّحم من الحمل، والرّابع مراعاة تعلّق قلب المرأة بالزّوج وقطعه فانّها تسكن حرقة المرأة بعد الطّلاق فى ثلاثة اشهر وحرقة المتوفّى عنها زوجها لا تسكن الاّ فى اربعة اشهر وعشراً كما فى الخبر، والخامس مراعاة صبر المرأة عن الجماع وطاقتها فانّ المرأة تصبر عنه اربعة اشهر ولذلك تقرّر ذلك فى القسم والايلاء وهذا ايضاً مذكور فى الخبر وقد يتخلّف بعض ذلك فى بعض الموارد فانّ المطلّقة الغير المدخولة والمطلّقة اليائسة لا عدّة لهما، والامة والمتعة تعتدّ ان فى الطّلاق وفى انقضاء المدّة اوهبتها نصف الحرّة الدّائمة وفى الوفاة كالحرّة الدّائمة على خلافٍ، وذات الاقراء تعتدّ بالاقراء، وذات الاشهر بالاشهر بعد التربّص قبل الطّلاق بثلاثة اشهر، وتعتدّ من طلاق الغائب من حين الطّلاق ومن وفاته من حين وصول الخبر، روى عن الباقر (ع) انّه قال: كلّ النّكاح اذا مات الزّوج فعلى المرأة حرّة كانت او امة وعلى اىّ وجه كان النّكاح منه متعة او تزويجاً او ملك يمين فالعدّة اربعة اشهر وعشراً وقد اشرنا الى انّ فى بعض هذه خلافاً { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } اى آخر مدّة عدّتهنّ يعنى اذا انقضت العدّة { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } ايّها الاولياء او الازواج او الاولياء والازواج جميعاً { فِيمَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ } من النّكاح واجابة الخطاب والتّعرّض لهم { بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } فاحذروا ولا تمنعوا النّساء بعد انقضاء العدّة من التزويج ولمّا علّق تعالى نفى الحرج بسبب الخطبة والنّكاح على انقضاء العدّة توهّم من مفهوم المخالفة انّه قبل انقضاء العدّة يكون الحرج ثابتاً على الرّجال المذكورين ولا يكون الاّ بسبب اثم النّساء فى التّعرّض للخطاب حينئذٍ واثمهنّ فى ذلك يلزمه اثم الخُطّاب فى ذلك فرفع ذلك التّوهّم بقوله تعالى { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ }.