خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٥٧
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } جملة حاليّة مكتفية عن الرّابط بتكرار ذى الحال او مستأنفة جواب لسؤالٍ مقدّر كأنّه قيل: ما شأن الله مع من آمن به وما يفعل بهم؟ - فقال تعالى: هو وليّهم وقدّم الله هاهنا بخلاف القرين الاتى حيث اخّر الطّاغوت لشرافته والالتذاذ والتبجّح بذكره والدّلالة على انّه ليس فى قلبه (ص) سواه { يُخْرِجُهُمْ } خبر بعد خبر، او حال عن المستتر فى الخبر، او عن الموصول او عنهما، او مستأنفٌ جواب لسؤالٍ عن حاله معهم، او عن علّة اثبات ولايته، وأتى بالخبر الاوّل وصفاً لعدم التجدّد والحدوث فى الولاية بعد ثبوته بالبيعة الولاية بخلاف اخراجه تعالى للمؤمنين من الظّلمات فانّه امر يتطرّق التجدّد والحدوث فيه آناّ فاناً { مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ }.
اعلم انّ اللّطيفة السيّارة الانسانيّة المعبّر عنها بالانسان ليست فى بدو حصول مادّتها واستقرارها فى الرّحم الاّ قوّة محضة وعدماً شأنيّاً ثمّ تتدرّج فى الخروج من القوّة والعدم الى الفعليّة والوجود الى زمان بلوغها مبلغ الرّجال فيصير الانسان انساناً بالفعل واقعاً بين دار النّور ودار الظّلمة مختلطاً فيه نور الانسانيّة بظلمة الحيوانيّة والطّبع والمادّة والشّيطنة، وظلمة الحيوانيّة تنشعب الى شعبٍ كثيرةٍ فان ادركته العناية الالهيّة وبلغ الى من دعاه الى الاسلام وأسلم بالتّسليم والانقياد للنّبىّ (ص) ونوّابه وبايع البيعة الاسلاميّة وحصل له الحالة الحاصلة بالبيعة ازداد نوريّته واشتدّت بواسطة نور الاسلام واخرجه الله قليلاً من الظّلمات المذكورة الى النّور، فان ادركته العناية مرّة أخرى ودخل فى الايمان بقبول الولاية والبيعة الخاصّة الولايَّة وحصل له الحالة الحاصلة بالبيعة الخاصّة أخرجه الله من قواه واعدامه متدرّجاً الى نور الايمان، ثمّ يتفضّل الله عليه بدوام الاخراج التجدّدىّ ويتدرّج هو فى الخروج الى ان يخرج من تمام القوى والاعدام والحدود الى تمام الفعليّة والنّور، ولمّا كان النّور حقيقة واحدة ليس اختلافها الاّ بالشدّة والضّعف الّذى يؤكّد الوحدة وسعتها او باختلاف الحدود والمنهيات ولا يؤثّر اختلاف الحدود فى ذاته وكانت الظّلمات اى القوى والحدود والاعدام الشأنيّة متكثّرة مختلفة بذواتها ومورثة للكثرة فى النّورانى بالنّور مفرداً وبالظّلمات جمعاً { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ } قد مضى بيان الطّاغوت قبيل هذا، وتأخير الطّاغوت عن الاولياء مع انّه مبتدء بقرينة حمل الولىّ على الله فى قرينه لعدم الاعتداد به، وجمع الاولياء مع افراد الطّاغوت امّا لارادة الجنس من الطّاغوت والاشعار بتعدّد الطّواغيت كالظّلمات، او للاشارة الى تعدّد جهات ولاية كلّ طاغوتٍ كأنّه مع وحدته اولياء للكافر { يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَاتِ } فسّر فى اخبارنا النّور فى الفقرتين بنور الاسلام والظّلمات بظلمات الكفر وبآل محمّد (ص) وأعدائهم وبنور التّوبة وظلمات الذّنوب { أُوْلَـٰئِكَ } الكافرون او الطّواغيت او المجموع { أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } الاتيان باسم الاشارة واسميّة الجملة وتأكيد الخلود المستفاد من صحابة النّار بالتّصريح به للتّغليظ والتّطويل والتّأكيد المطلوب فى مقام الذّم.