خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ
٤٠
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ } اسرائيل اسم ليعقوب (ع) واسرا بمعنى العبد وايل بمعنى الله، اواسرا بمعنى القوّة وايل بمعنى الله، بعد ما ذكر خلق آدم (ع) وحوّاء (ع) وانعامه عليهما بسجدة الملائكة وطاعتهم لهما واسكانهم الجنّة ونقضهما للعهد بترك النّهى بالأكل من الشّجرة وهبوطهما بارتكاب منهىٍّ واحدٍ وتفضّله عليهما وعلى ذرّيّتهما بايتاء الهدى ووعد التّابع ووعيد التّارك التفت تعالى الى ذرّيّتهما تفضّلاً عليهما وعليهم وناداهم واتى فى مقام آدم (ع) باسرائيل للاشعار بأنّ من انتسب الى الانبياء فهم بنو آدم (ع) وامّا غيرهم فليسوا بنى آدم حقيقةً فانّ النّسبة الجسمانيّة اذا لم تكن قرينة للنّسبة الرّوحانيّة لم تكن منظوراً اليها، واختار من بين الانبياء يعقوب (ع) لكثرة أولاده وبقاء النّسبة الرّوحانيّة اليه فى أكثرهم فانّه لم يقطع النّبوّة فى اولاده ولم يرفع الدّين عنهم بخلاف سائر الانبياء { ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } بخلق أبيكم آدم (ع) وتفضيله على سائر الموجودات، وتسخيره لكلّ ما فى الارض، وسجود الملائكة له، وهبوطه الى الارض لكثرة نسله وخدمه فانّه نعمة لآدم وذرّيّته وان كان بصورة النّقمة كما قال المولوى:

ديو كبود كو ز آدم بكَذرد برجنين نطعى ازآن بازى برد
در حقيقت نفع آدم شد همه لعنت حاسد شده آن دمدمه
بازئى ديدو دوصد بازى نديد بس ستون خانه خودرا بريد

وببعثة الرّسل فيكم واخذهم عهدى العامّ عليكم بالبيعة معكم البيعة العامّة النّبويّة وبابقاء شرائع الرّسل بخلفائهم واخذهم عهدى الخاصّ عليكم بالبيعة الخاصّة الولاية وخصوصاً بعثة خاتم الانبياء (ص) وخليفته خاتم الخلفاء { وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي } الّذى أخذه نبيّكم او خليفته عليكم فى البيعة العامّة وقبول الدّعوة الظّاهرة او البيعة الخاصّة وقبول الدّعوة الباطنة { ۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ } الّذى علىّ الوفاء به من ادخالكم الجنّة بازاء قبول الدّعوة في البيعة وفتح البركات السّماويّة والارضيّة بازاء اتّباعكم شروط العهد واتّقائكم عن مخالفتها واقامتكم لأوامر العهد الّتى هى أوامر الشّرع وقد سبق أنّه كلّما ذكر عهد او عقد فى الكتاب فالمراد به هو الّذى فى ضمن البيعة العامّة او الخاصّة والتّفسير بما أخذ عليهم فى الذّرّ صحيح كما فى بعض الاخبار فانّه اشارة الى العهد التّكوينىّ والولاية الفطريّة لكنّه اذا لم يقترن بالعهد التّكليفىّ والبيعة الاختياريّة لم يصحّ الامر بالوفاء به ولا المدح على الوفاء به ولا الذّمّ على تركه ونقضه لنسيان المعاهد العهد الّذى كان فى الذّرّ { وَإِيَّايَ فَٱرْهَبُونِ } الفاء امّا زائدة او اصليّة وعلى اىّ تقديرٍ فايّاى منصوب بمحذوف يفسّره المذكور سواء عدّ من باب الاشتغال ام لا وهو تأكيد وتخصيص للرّهبة به تعالى بصورة التّقديم وتنبيه على انّه لا ينبغى ان يخاف من احدٍ الاّ الله تعالى فانّ الاخلاص لا يتمّ الاّ بحصر الطّاعة والرّغبة والخوف والرّهبة فيه وهذه الآية تعريض بأمّة محمّد (ص) وبالعهد الّذى أخذه محمّد بالبيعة العامّة بقبول احكام النّبوّة وبالعهد الّذى أخذه محمّد (ص) فى غدير خمّ لعلىٍّ (ع) بالخلافة بالبيعة العامّة على يد علىٍّ (ع) وما ورد فى الاخبار من التّفسير بالعهد الّذى أخذه انبياؤهم على اسلافهم بالاقرار بنبوّة محمّد (ص) وولاية علىٍّ (ع) تفسير بما كان مقصوداً من عهدهم سواء ذكر فى بيعتهم ام لا، ولمّا كان الامر بالوفاء بالعهد هاهنا مقدّمة للامر بالايمان بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) فتفسير العهد بما هو المقصود منه من الاقرار بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) كما فسّر فى الاخبار كان اولى.