خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُوۤاْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ
٦٧
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ } لاحياء المقتول وإخباره بقاتله { أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً } فتضربوا ببعضها هذا المقتول.
وقصّته أنّه كان فى بنى اسرائيل امراةٌ حسناء ذات شرفٍ وحسبٍ ونسبٍ كثر خُطّابها وكان لها بنو أعمام ثلاثة فرضيت بأفضلهم فاشتدّ حسدا بنى عمّه الآخرين فعمدا اليه فدعُّوه وقتلاه وحملاه الى محلّة مشتملة على اكثر قبيلة من بنى اسرائيل فألقياه فيها ليلاً فلمّا أصبحوا وجدوا قتيلاً وعرفوه فجاء ابنا عمّه القاتلان ومزقا على أنفسهما واستعديا عليهم فأحضرهم موسى (ع) وسألهم فأنكروا قتله وقاتله فالزم موسى (ع) اماثل القبيلة ان يحلف خمسون منهم بالله القوىّ الشّديد آله بنى اسرائيل مفضّل محمّدٍ (ص) وآله الطّيّبين على البرايا اجمعين انّا ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً فان حلفوا غرموا دية المقتول وان نكلوا نصّوا على القاتل او اقرّ القاتل فيقاد منه، فان لم يحلفوا حبسوا فى مجلسٍ ضنكٍ الى ان يحلفوا او يقرّوا او يشهدوا على القاتل، فقالوا: يا نبىّ الله اما وَقَت ايماننا اموالنا ولا اموالنا ايماننا؟ - قال: لا؛ هذا حكم الله، فقالوا: يا نبىّ الله عزمٌ ثقيلٌ ولا جناية لنا وأيمانٌ غليظة ولا حقّ فى رقابنا، فادع الله عزّ وجلّ ان يبيّن لنا القاتل وينكشف الامر لذوى الالباب وينزّل به ما يستحقّه فقال موسى: انّ الله قد حكم بذلك وليس لى ان اقترح عليه غير ما حكم به بل علينا ان نسلم حكمه وهمّ بأن يحكم عليهم بذلك فأوحى الله تعالى اليه ان أجبهم وسلنى ان أبيّن لهم القاتل فانّى اريد ان أوسع بئجابتهم الرّزق على رجلٍ من خيار أمّتك دينه الصّلاة على محمّد (ص) وآله الطّيّبين (ع) ليكون بعض ثوابه عن تعظيمه لمحمّد (ص) وآله (ع) ونسب الى الصّادق (ع) انّ الرّجل كان له سلعةٌ وجاء قوم يطلبون سلعته وكان مفتاح بيته فى تلك الحال تحت رأس أبيه وهو نائم فكره ان ينبّهه وينغّص عليه نومه فانصرف القوم ولم يشتروا سلعته فلمّا انتبه ابوه قال: يا بنىّ ما صنعت فى سلعتك؟ - قال: هى قائمة لم أبعها لانّ المفتاح كان تحت رأسك فكرهت ان أزعجك من رقدتك وانغّص عليك نومك قال له ابوه: قد جعلت هذه البقرة لك عوضاً عمّا فاتك من ربح سلعتك وشكر الله تعالى للابن ما فعل بأبيه فأمر الله جلّ جلاله موسى (ع) ان يأمر بنى اسرائيل بذبح تلك البقرة بعينها ليظهر قاتل ذلك الرّجل الصّالح فلمّا اجتمع بنو اسرائيل الى موسى (ع) وسألوه، قال: { انّ الله يأمركم ان تذبحوا بقرة } ليحيى ذلك القتيل تعجّبوا و { قَالُوۤاْ } يا موسى { أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَاهِلِينَ } فانّ الاستهزاء من صفات الجاهل ونسبة امرٍ الى الله لم يكن منسوباً اليه ليست من وصف العاقل.