خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ ٱسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ
٨٧
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ } فلا غرو فى ايتاء محمّدٍ (ص) الكتاب والمراد بالكتاب النّبوّة او الرّسالة والتّوراة صورتها { وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِٱلرُّسُلِ } بعثنا رسولاً على قفاء رسولٍ { وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ } يعنى بعثناه بعد الكلّ وأعطيناه المعجزات الواضحات كاحياء الموتى وإبراء الاكمه والابرص وحياة الطّين بنفخة والاخبار بالمغيبات او الاحكام الواضحات المحكمات او الاحكام القالبيّة او احكام النّبوّة فانّ البيّنة قد تطلق على المعجزة، وقد تطلق على المحكم مقابل المتشابه، وقد تطلق على احكام القالب مقابل احكام القلب، وقد تطلق على الرّسالة وأحكامها والنّبوّة وأحكامها مقابل الولاية وآثارها، وقد تطلق مقابل الزُّبُر على حروف اسم كلّ حرفٍ؛ فيقال: بيّنة العين العين والياء والنّون؛ وزبرها الملفوظ من العين، او على غير اوّل حروف الاسم كالياء والنون { وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ } الرّوح تطلق على الرّوح الحيوانيّة الّتى تنبعث عن القلب وعلى الرّوح النّفسانيّة الّتى تنبعث عن الدّماغ الى الاعصاب، وعلى القوّة المحرّكة الحيوانيّة، وعلى القوّة الشّهوانية، وعلى القوّة الغضبيّة، وعلى اللّطيفة الايمانيّة، وعلى الرّوح المجرّدة عن المادّة وعن التّعلّق بها، وعن التّقدّر وهى الّتى تسمّى بروح القدس، وهى الّتى ذكر فى الاخبار أنّه أعظم من جبرائيل وميكائيل ولم تكن مع أحدٍ من الانبياء وكانت مع محمّدٍ (ص) وكانت مع الائمّة (ع) وسمّاها الفهلويّون من أهل الفرس بربّ النّوع الانسانىّ وقالوا: انّه أعظم من جميع الملائكة والكلّ مسخّر له، وتطلق الرّوح على جملة المجرّدات وفى الخبر: يا مفضّل انّ الله تبارك وتعالى جعل فى النّبىّ خمسة أرواحٍ روح الحياة؛ فبه دبّ ودرج، وروح القوّة؛ فبه نهض وجاهد، وروح الشّهوة؛ فبه أكل وشرب واتى النّساء من الحلال، وروح الايمان فبه آمن وعدل، وروح القدس لا ينام ولا يغفل ولا يلهو ولا يزهو { أَفَكُلَّمَا جَآءَكُمْ } يعنى بعثنا الرّسل بعضهم على قفاءِ بعضٍ فاستكبرتم وكذّبتم فريقاً وقتلتم فريقاً الا ترعوون عمّا فعلتم سابقاً من الشّنائع فكلّما جاءكم { رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمْ } من فعل الطّاعات وترك الشّهوات { ٱسْتَكْبَرْتُمْ } عن الانقياد للرّسول واتّباعه بعد ذلك مثل ما فعلتم سابقاً { فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ } اى تكذّبون وأتى بالماضى لفظاً للدّلالة على تحقّقه كأنّه وقع والاّ فهو مستقبل معنىً { وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } اتى هنا بالمضارع لكونه الاصل ولمراعاة رؤس الآى؛ والمقصود توبيخهم على شيمتهم الذّميمة وتقريعهم على الماضى وردعهم فى الأتى؛ عن الباقر (ع) أنّه قال: ضرب الله مثلاً لامّة محمّدٍ (ص) فقال لهم: فان جاءكم محمّد (ص) بما لا تهوى أنفسكم بموالاة علىٍّ (ع) استكبرتم ففريقاً من آل محمّد (ص) كذّبتم وفريقاً تقتلون قال: فذلك تفسيرها فى الباطن.