خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَآ أنَزَلَ ٱللَّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٩٠
-البقرة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ بِئْسَمَا ٱشْتَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ } لفظ ما نكرة موصوفة تميزٌ عن الفاعل المستتر واشتروا صفته والتّقدير بئس هو شيئاً اشتروا به أنفسهم، او لفظ ما معرفة ناقصة فاعل بئس واشتروا صلته وامّا ما يتراءى صحّته من كون ما نكرة تامّة او معرفة تامّة واشتروا مستأنفاً فبعيد جدّاً، او الشرى يستعمل فى البيع والاشتراء والقياس يقتضى استعمال الاشتراء فى كليهما لكنّ الاغلب استعماله فى مقابل البيع فان كان المراد به هاهنا معنى البيع فلا اشكال لأنّ بيعهم أنفسهم بالكفر واشتراء الشّيطان لها فى مقابل بيعهم أنفسهم بالجنّة واشتراء الله لها ولأموالهم بأنّ لهم الجنّه، وان كان المراد به معنى الاشتراء فالمقصود أنّهم اشتروا الانانيّة الّتى هى بالاصالة حقّ الشّيطان باللّطيفة الالهيّة على ان يكون الباء فى { به } للسببيّة لا للبدليّة وما فى تفسير الامام (ع) يشعر بأنّه بمعنى البيع وانّ المخصوص بالذّمّ محذوف وهو قوله { ٱشْتَرَوْاْ } بالهدايا والفضول الّتى تصل اليهم وكان الله أمرهم بشرائها من الله بطاعتهم له ليجعل لهم أنفسهم والانتفاع بها دائماً الى آخره { أَن يَكْفُرُواْ } مخصوص بالذّمّ او تعليل والمخصوص محذوف كما يشعر به تفسير الامام (ع) اى بئس ما اشتروا به أنفسهم هداهم وفضولهم الّتى تصل اليهم { بِمَآ أنَزَلَ ٱللَّهُ } بالّذى أنزل الله او بشيءٍ أنزل الله فى كتابهم من أمر محمّدٍ (ص) وعلىٍّ (ع) وآلهما او بما أنزل الله من القرآن او من قرآن فضل علىٍّ (ع) { بَغْياً } لبغيهم وعدم انقيادهم لمحمّدٍ (ص) خليفة الله او باغين على محمّد (ص) { أَن يُنَزِّلُ ٱللَّهُ } لان ينزّل الله او هو بدل من ما أنزل الله نحو بدل الاشتمال، ويجوز ان يكون ما فى بما أنزل الله مصدريّة وان يكون أن ينزّل الله تعليلاً او بدلاً منه { مِن فَضْلِهِ } بعضاً من فضله او كتاباً من فضله { عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } يعنى محمّداً (ص) واتى بالموصول وصلته اشعاراً بأنّ المكروه لهم حيثيّة مشيئة الله للمبالغة فى تهديدهم وذمّهم، ولمّا كانت الآية تعريضاً بمنافقى الامّة وكراهتهم لما نزل فى خلافة علىّ (ع) صحّ تفسيرها كما فى الاخبار بان يقال بما أنزل الله فى علىّ (ع) بغياً على علىٍّ (ع) ان ينزّل الله من فضله على من يشاء يعنى عليّاً (ع) { فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٍ } هذه العبارة تستعمل لمحض التّكثير والمعنى باؤا بغضبٍ كثيرٍ متعاقبٍ متراكمٍ وقد تستعمل لبيان العدد يعنى باؤا الى الله او باؤا عن حضور محمّد (ص) { بغضبٍ } من الله لكفرهم بمحمّد (ص) { على عضبٍ } آخر من الله لكفرهم بعيسى (ع)، او { فباؤا بغضبٍ } من الله لكفرهم بما أنزل الله على محمّدٍ (ص) { على غضبٍ } لكفرهم بما أنزل الله على موسى (ع) فى نعت محمّدٍ (ص)، او { فباؤا بغضبٍ } منهم لما انزل الله على محمّد (ص) { على غضبٍ } منهم لما انزل الله على موسى (ع) فى وصف محمّدٍ (ص) هذا بحسب التّنزيل والتّصريح، وامّا بحسب التّأويل والتّعريض فباء منافقوا أمّة محمّدٍ (ص) بغضب من الله او منهم على غضب لكفرهم بمحمّد (ص) وعلىٍّ (ع) { وَلِلْكَافِرِينَ } وضع الظّاهر موضع المضمر للتّطويل المطلوب فى مقام الغضب وللتّصريح بوصف الذّمّ لهم وللاشعار بعلّة الحكم فى الآخرة { عَذَابٌ مُّهِينٌ } مذلّ لا معزّ كبلاء الانبياء، او المقصود تأكيد العذاب والمبالغة فيه.