خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ
١٥
-طه

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ } تعليلٌ لقوله: اقم الصّلٰوة لذكرى فانّ السّاعة فسّرت فى الاخبار بساعة ظهور القائم (ع)، وبساعة الموت، وبالقيامة، وهذه الثّلاث فى العالم الصّغير متّحدة فانّ ظهور الامام (ع) بملكوته لا يكون الاّ عند الموت الاختيارىّ كما انّه لا يكون الموت الاختيارىّ الاّ عند ظهور الامام (ع) وعند الموت يكون القيامة الصّغرى، وكما يكون ظهور الامام (ع) فى الموت الاختيارىّ يكون فى الموت الاضطرارىّ ايضاً كما فى الاخبار فعلى هذا كان المعنى اقم الصّلٰوة منتظراً لظهور الامام (ع) بملكوته لانّ ساعة ظهوره آتية لا محالة فانتظرها { أَكَادُ أُخْفِيهَا } قرئ بضمّ الهمزة من الاخفاء بمعنى جعل الشّىء خفيّاً، او بمعنى سلب الخفاء عن الشّيء، وقرئ بفتح الهمزة من خفاه بمعنى اظهره، ولكن فى الاخبار اشارة الى معنى السّتر، ولمّا كان ظهور السّاعة من الامور الخفيّة الّتى لا يطّلع عليها النّفوس الضّعيفة بل الكاملة الاّ صاحب الولاية المطلقة الّذى يطّلع على دقائق الامور وخفيّاتها ولذلك قال علىّ (ع): قد خصّصت بعلم المنايا والبلايا؛ فانّ المراد بالمنايا انواع موتات الانسان فى السّلوك وفى البرازخ، وانواع ظهورات السّاعة والقائم عجّل الله فرجه والمراد بالبلايا انواع الامتحانات للخلاص من حجب ظهور السّاعة والامتحان لظهور السّاعة فرّع العلم بكيفيّة ظهورها ووقت اتيانها وفى اخبارنا: اكاد اخفيها من نفسى، وقيل: اكاد اخفيها من نفسى هكذا نزلت، وانّه فى قراءة ابىٍّ كذلك، وهذه الكلمة تقال عند المبالغة فى اخفاء شيء من غير اعتبار واخفاءٍ من النّفس، او المراد بقوله تعالى: من نفسى: من خليفتى، فانّ خليفته فى الارض بمنزله نفسه { لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } تعليل لقوله: انّ السّاعة آتية، لانّ ظهور القائم (ع) يوجب اعطاء كلّ ذى حقّ حقّه، او تعليل لقوله: اكاد اخفيها لانّ فى الاخفاء وعدم الاظهار يحصل الابتلاءات والامتحانات والتّخليصات للسّالكين فى الدّنيا وللمسيئين فى البرازخ بعد الموت على ان يكون المراد بالسّاعة القيامة الكبرى والقيام عند الامام بعد الخلاص ممّا عليه من شوائب المساوى والابتلاءات جزاء ما فعله العبد باقتضاء نفسه ومشتهياتها، او تعليل لكليهما على سبيل التّنازع، والجزاء امّا بعين ما تسعى بناءً على تجسّم الاعمال، او بجزاء ما تسعى، وفى الآية على ما فسّرت اخيراً دلالة على ما قالته الصّوفيّة من انّ السّالك ينبغى ان يكون منتظراً لظهور صاحب الامر (ع) وان لا يكون منظوره من جملة اعماله الاّ ظهور صاحبه، وفى قوله: { { أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } [طه:14] ايماء الى حصر المقصود من الاعمال فى الذّكر باعتبار مفهوم القيد.