{ كُلُواْ وَٱرْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ } عديدةً دالّةً على علمه تعالى وقدرته وحكمته البالغة وعلى اهتمامه بشأن المواليد الارضيّة ولا سيّما بالاشرف منها وهو الانسان وعلى انّه لا يهمل الانسان بحسب بقائه فى الآخرة الّذى هو المقصود من خلقه فى الدّنيا بدون تهيّة اسباب بقائه وبدون من يدلّه على بقائه وما به بقاؤه بنحو المرضىّ له وليست الآيات لكلّ الموجودات لانّ بعضهم غنىّ عن اظهار الآيات كالملائكة، وبعضهم لا يدركون منها كونها آيات بل للانسان وليست لكلّ فرقة منه بل { لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ } الّذين حصّلوا بقبول الولاية واتّباع شروط عهده عقلاً يكون مرجعاً ومنتهى لكلّ الاعضاء والجوارح بحسب افعالها، ولكلّ القوى والمدارك بحسب آثارها، وناهياً للكلّ عمّا لا ينبغى، ومنتهى لعلوم السّابقين؛ وقد اشير فى الخبر الى كلّ وعلم من ذلك وجه تسمية هذا العقل بالنّهية، ولا يحصل هذا العقل الاّ بالولاية، لانّ من لم يتولّ ولّى امره تمكّن الشّيطان من عنقه، ومن تمكّن الشّيطان من عنقه لم يدعه على حالٍ ولم يذره على شأنٍ فلم يكن له جهة وحدة يرجع الكلّ اليها فكان كرجلٍ متشاكسٍ فيه رجالٌ والاصل فى الاتّصاف بالنّهى هم الائمّة (ع) ولذلك فسّروا اولى النّهى بانفسهم بطريق الحصر، والفرع فى ذلك شيعتهم وليس لغيرهم منه حظّ ونصيبٌ، وورد عن النّبىّ (ص) انّ خياركم اولو النّهى قيل: يا رسول الله ومن اولوا النّهى؟- قال: هم اولوا الاخلاق الحسنة والاحلام الرّزينة، وصلة الارحام والبررة بالامّهات والآباء والمتعاهدون للفقراء والجيران واليتامى ويطعمون الطّعام ويفشون السّلام فى العالم ويصلّون والنّاس نيام غافلون.