خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ
٢٢
-الأنبياء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ لَوْ كَانَ فِيهِمَآ } اى فى السّماء كما يقول من يقول بآلهة الملائكة والكواكب، والارض كما يقول من يقول بآلهة الاصنام والعجل وبعض الاناسىّ وابليس، وكما يقول الثّنويّة { آلِهَةٌ إِلاَّ ٱللَّهُ } ليست الاّ استثنائيّة لعدم صحّة الاستثناء لفظاً ومعنىً لعدم شمول الالهة لكونه جمعاً منكّراً فى الايجاب، وللزوم جواز صحّة تعدّد الالهة مع الله بحسب مفهوم مخالفة الاستثناء { لَفَسَدَتَا } لكون الآلهة حينئذٍ تامّى القدرة والاّ لم يكونوا الهة واقتضاء تماميّة القدرة صحّة تدافع كلّ وتمانعه عن مراد الآخر، فان قيل انّ مرادهما يكون قريناً للحكمة فيكون مراد كلّ مراداً للآخر فلا يكون تدافع، يقال: الاستدلال بصحّة التّدافع لا بوقوعه، وصحّة التّدافع مستلزمة لصحّة الفساد فيهما، وهذا هو استدلال المتكلّمين وبيانهم للآية وهو كما ترى.
والتّحقيق فى بيان الآية ان يقال: انّها اشارة الى برهان تامّ يسمّى برهان الصّدّيقين وطريقهم وهو برهان الفرجة الّذى اشار اليه الصّادق (ع) من لزوم الفرجة واستلزام فرض آلهين آلهة ثلاثة واستلزام الثّلاثة خمسة وهكذا فانّه لو فرض الهين فامّا ان يكونا قديمين قوّيين او حادثين ضعيفين، او يكون احدهما قديماً قويّاً والآخر حادثاً ضعيفاً، والاخيران خلاف الفرض ومثبتان للتّوحيد، وان كانا قديمين واجبين والوجوب من صفات الوجود، والوجود كما سبق فى اوّل الكتاب متأصّل فى التّحقّق، وتحقّق كلّ متحقّقٍ يكون بتحقّقه، وسبق انّ الوجود حقيقة واحدة لا تكثّر فيه بوجهٍ من وجوه التّكثّر، وانّ تكثّره لا يكون الاّ بضمائم، فاذا كان القديمان واجبين بالذّات كانا مشتركين فى حقيقة الوجود، وتعدّدهما وافتراقهما لا يكون الاّ بضميمةٍ ولا اقلّ من انضمام ضميمةٍ الى واحدٍ منهما حتّى يصحّ الافتراق بالاطلاق والانضمام ولا يكون الضّميمة من سنخ المهيّات والاّ لزم ان يكون الكلّ ممكناً حادثاً هذا خلاف الفرض، بيان الملازمة انّ المركّب تابع لاخسّ اجزائه والمهيّة من حيث ذاتها لا تكون الاّ ممكنةً، والممكن لا يكون الاّ حادثاً فالكلّ الّذى صارت المهيّة جزءً له لا يكون الاّ ممكناً حادثاً ولا تكون من سنخ العدم وهو واضح فيكون من سنخ الوجود فيصير المفروض آلهين ثلاثةً ولمّا كانت الثّلاثة مشتركة فى حقيقة الوجود فلا يكون التّعدّد الاّ بضمائم واقلّها ضميمتان فيصير الثّلاثة خمسةً، وننقل الكلام الى الخمسة فتصير تسعةً وهكذا الى ما لا نهاية له وهذا البرهان بعد اتقان المقدّمات من اسدّ البراهين واتمّها لانّه يؤخذ من النّظر الى نفس حقيقة الوجود من غير اعتبار شيءٍ آخر معها، وكما لا يحصل المعرفة التّامّة بالهل الاّ برفع الحجب والمظاهر ونفى الاسماء والصّفات وكشف سبحات الجلال من غير اشارة وذات للعارف كما ورد عنهم (ع) اعرفوا الله بالله يعنى لا بمظاهره واسمائه وصفاته لا يحصل العلم التّامّ بالله الاّ برفع النّظر عن المعاليل والتّوجّه الى الله وتحقيق حقيقته واخذ البرهان عليه من نفس حقيقته حتّى يقال علمت الله بالله، والحاصل انّه لو كان الواجب متعدّداً لزم انقلاب الواجب ممكناً وفيه بطلان العالم وفساد السّماوات والارض لانّها ممكنة والممكن ما لم يستند الى واجب لم يوجد، او صيرورة المتعدّد واحداً وهو المطلوب، او عدم انتهاء عدد الواجب الى حدّ وهو خلاف المدّعى { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ } يعنى اذا كان التّعدّد مورثاً لابطال السّماوات والارض فتنزّه الله تنزّهاً { رَبِّ ٱلْعَرْشِ } الّذى هو جملة المخلوقات { عَمَّا يَصِفُونَ } اى عن الّذى يصفونه به من الشّريك او عن وصفهم له بالشّريك.