خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ
٨٦
وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٧
-الأنبياء

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ وَذَا ٱلنُّونِ } هو مثل ما سبق فى العطف والتّقدير، والنّون بمعنى الحوت سمّى به لابتلائه ببطن الحوت وهو يونس (ع) بن متّى { إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً } لقومه او لربّه فانّ غاضبنى فلان بمعنى اغضبنى واغضبته، وكان حاله مع قومه كذلك، فانّه بعث اليهم حين كونه ابن ثلاثين وكان فيه حدّة فدعاهم ثلاثاً وثلاثين ولم يقبل منه سوى تنوخا العابد وروبيل الحكيم فغضب لذلك ودعا الله على قومه حتّى وعده الله نزول العذاب على قومه بعد ما امره بالتّأنّى والصّبر فلم يقبل واصرّ على الدّعاء فأخبر قومه بنزول العذاب بعد المشورة مع روبيل وسؤال روبيل عنه ان يراجع ربّه ويسأل دفع العذاب عنهم وابائه عن المراجعة فلمّا صار موعد العذاب وقد اخرجوا يونس (ع) وتنوخا من بلدتهم وكانت البلدة نينوا من اعمال موصل ورأى عدم نزول العذاب عليهم غضب لذلك وغاضب قومه او غاضب ربّه خصوصاً على ما ورد انّه وكله الله تعالى الى نفسه طرفة عين { فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ } اى لن نضيّق او لن نقضى عليه ما قضيناه عليه، او لن نكون قادرين على اخذه كما ورد انّه وكّل الى نفسه فظنّ ذلك، ومعنى ما ورد انّه (ع) وكله الله الى نفسه فخطر على باله ذلك وسمّى الخطرة ظنّاً ولا ينافى الخطرة مقام النّبوّة فانّ توبة الانبياء من حيث ولايتهم، وتوبة الاولياء من خطرات القلوب، فنادى اى فضيّقنا عليه فى الطّريق فدخل سفينة فساهم اهل السّفينة فخرج السّهم باسمه فألقوه فى البحر فابتلعه الحوت { فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ } ظلمة اللّيل، وظلمة البحر، وظلمه بطن الحوت، وقيل: انّ الحوت ابتلعه حوت آخر { أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ } ان مخفّفة من المثقّلة او تفسيريّة { سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } تبرّى اوّلاً من انانيّته بعدما رأى انّ انانيّته ورأيه صارت سبباً لهلاكته واثبت الالهة والرّأى له تعالى ثمّ نزّهه عمّا يورث نقصاً فى رأيه ووجوده، ثمّ اعترف بانّ دعاءه على قومه وانانيّته فى مقابلة انانيّة الله كانت ظلماً منه على قومه وعلى نفسه، ولمّا كان ذلك منه كنايةً عن سؤال النّجاة قال تعالى { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ }.