خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٥١
-المؤمنون

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } حال بتقدير القول او جوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ بتقدير القول كأنّه قيل: ما قال الله للرّسل سواء كان الخطاب لمجموعهم دفعة فى عالم الجمع وهو عالم الارواح، او كان الخطاب لكلّ واحد واحد فى زمانه لكنّه تعالى جمعهم فى الحكاية، وقيل: انّه خطابٌ لمحمّدٍ (ص) من دون تقدير القول والاتيان بالجمع لجريه على طريقة العرف فى مخاطبة الواحد مخاطبة الجمع، وقد مضى مكرّراً انّ الاكل لا اختصاص له بما يعرفه العرف اكلاً بل ادراك كلّ مدرك وفعل كلّ عضو وتحريك كلّ محرّك وتحرّك كلّ متحرّك اكل له ولمّا كان مراتب الانسان كثيرة كان طيّبات كلّ مرتبة من جهتها الخلقيّة ما كانت ملائمة ملذّة لها ومن جهتها الحقّيّة ما كانت مباحة مكسوبة بأمر الله مرضيّة لله سواء كانت موافقة لسائر المراتب او لم تكن { وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً } ليس المراد به فرداً مالا على التّعيين فانّ الانبياء ان لم يكونوا مأمورين بجميع الصّالحات كانوا مأمورين باكثرها، ولم يكتف تعالى من سائر عباده بفردٍ ما من الصّالحات فكيف بالانبياء فالمراد اعملوا صالحاً عظيماً فانّ التّنوين والتّنكير فى امثاله بعد ما علم انّه ليس المراد به فرداً ما امّا ان يكون للتّحقير او للتّعظيم، والتّحقير ايضاً منافٍ لامر الانبياء (ع) فالمراد هو التّعظيم والصّالح العظيم الّذى لا صالح الاّ بصلاحه هو الولاية فعلى هذا ينبغى ان يفسّر الآية هكذا: يا ايّها الرّسل كلوا من الطّيّبات الّتى هى ارزاق الاعضاء والقوى والمدارك من الاعمال القالبيّة الشّرعيّة والنّفسانيّة النّبويّة واعملوا صالحاً عظيماً هو الولاية والتّوجّهات والاستعدادات والالهامات والمشاهدات المتعلّقة بها { إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ } من الاعمال القالبيّة والقلبيّة { عَلِيمٌ } ويجوز ان يكون الخطاب للرّسل ويكون المقصود بالحكم اممهم من قبيل ايّاك اعنى واسمعى يا جارة، او يكون الامم مقصودين معهم.