خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ
١٥
-النور

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ } يعنى لا بقلوبكم يعنى تديرونه بينكم من غير تحقيقٍ له كأنّ السنتكم تأخذه وتقبل ما يلقيه غيركم من غير اطّلاع ذواتكم وقلوبكم يقال تلقّى القول بمعنى قبله، وقرئ: تتّلقونه بالتّائين على الاصل وتلقونه بالتّخفيف من لقيه بمعنى تناوله وتلقونه بكسر حرف المضارعه من هذه المادّة وتُلقونه من القاه، وتلقونه من ولق بمعنى كذب، وتألقونه من الق بمعنى كذب، وتثقفونه من ثقف اذا طلب ووجد، وتقفونه من وقف بمعنى تبع { وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ } من غير اطّلاع قلوبكم واعتقادها { مَّا لَّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً } سهلاً لا اثم فيه ولا تبعة له { وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٌ }.
اعلم، انّ الازمان متشابهة واهل كلّ زمانٍ حالهم تشابه حال اهل الزّمان السّالف والآتى فانّ اهالى الازمنة السّالفة على ما وصل الينا من سيرهم كانوا مثل اهل هذا الزّمان، كانوا ينتحلون الدّين لاغراضٍ نفسانيّةٍ لا لغاياتٍ انسانيةٍ وكانوا يغتابون ويتّهمون من كان داخلاً فى الدّين مثلهم وكانوا يتجسّسون عوراتهم ويعيبون عليهم ويلمزون بعضهم بعضاً بالالقاب ويسرّون بظهور سوءات اخوانهم، ويسائون بظهور محاسنهم، وكلّ ذلك كان منافياً للدّين بل مناقضاً للغايات المقصودة من التّديّن.