خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٢
-النور

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِي } اى منهما حكمهما او الزّانية مبتدء وقوله { فَٱجْلِدُواْ } خبره، ودخول الفاء بتقدير امّا او توهّمها لكون المقام للتّفصيل او لتضمّن المبتدا معنى الشّرط لانّه بمعنى الّتى زنت، وقرئ بنصبهما بتقدير فعل ناصب لهما من مادّة الفعل المتأخّر اى اجلدوا او من مادّةٍ اخرى اى اذكروا او احضروا الزّانية، وتقديم الزّانية مع انّ الرّجل اولى بالتّقديم لانّ الزّنا منها اقبح ولانّ شأنها بفطرتها ان تمنع الرّجال من نفسها فاذا مكّنت الرّجل منها كانت اولى بالعقاب ولذلك كان حدّها مساوياً لحدّه وقال تعالى فاجلدوا { كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ } مع انّ شأنها فى الحدود ان يخفّف عليها بالنّسبة الى الرّجال { وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا } متعلّق بلا تأخذكم والباء للسّببيّة او للآلة او متعلّق بقوله { رَأْفَةٌ } وتقديمه على المصدر لكونه ظرفاً { فِي دِينِ ٱللَّهِ } ظرف لغو متعلّق باجلدوا او بلا تأخذكم او برأفة شبّه دين الله بمكانٍ مخصوصٍ او ظرف مستقرّ حال من فاعل اجلدوا او من مفعوله وجعله حالاً من مفعوله يفيد انّهما لا يجلد ان لم يكونا فى دين الله، او حال من مفعول لا تأخذكم او صفة لرأفة وفائدة التّقييد به التّنبيه على الخلوص من شوب الهوى { إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } قيد للجلد او لعدم أخذ الرّأفة والشّرط للتّهييج { وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئِفَةٌ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } اى جماعة اقلّها الثّلاثة وقيل: اقلّها الواحد، وقيل: اقلّها ههنا اربعة لانّ اقلّ ما يثبت به الزّنا شهادة الاربعة، وقيل: منوط عددهم برأى الامام والمقصود من احضار طائفةٍ فى عذابهما تنكيلهما بالتّفضيح علاوة على تنكيلهما بالعذاب ليكون تعذيباً شديداً لهما وعبرة لغيرهما، وهذه الآية فى بيان حدّ الزّانيين مجملةً؛ فانّ الزّانيين امّا يكون كلاهما او احدهما من اهل الذّمّة او يكونان مسلمين محصنين او غير محصنين، بكرين او غير بكرين، حرّين او عبدين، ولكلٍّ حكمٌ وهذا حكم الحرّين المسلمين الغير المحصنين الغير البكرين، روى انّ عمر اتى بخمسة نفر أخذوا فى الزّنا فامر ان يقام على كلّ واحد منهم الحدّ، وكان امير المؤمنين (ع) حاضراً فقال: يا عمر ليس هذا حكمهم، قال: فأقم انت الحدّ عليهم فقدّم واحداً منهم فضرب عنقه، وقدّم الآخر فرجمه، وقدّم الثّالث فضربه الحدّ، وقدّم الرّابع فضربه نصف الحدّ، وقدّم الخامس فعزّره؛ فتحيّر عمر وتعجّب النّاس من فعله، فقال له عمر: يا ابا الحسن خمسة فى قضيّةٍ واحدةٍ اقمت عليهم خمسة حدود وليس شيءٌ منها يشبه الآخر؟! فقال امير المؤمنين (ع): امّا الاوّل فكان ذمّيّاً فخرج عن ذمّته ولم يكن له حدّ الاّ السّيف، وامّا الثّانى فرجل محصن حدّه الرّجم، وامّا الثّالث فغير محصنٍ حدّه الجلد، وامّا الرّابع فعبد ضربناه نصف الحدّ، وامّا الخامس فمجنون مغلوب على عقله، ونقل ستّة نفر وقال: واطلق السّادس ثمّ قال: وامّا الخامس فكان منه ذلك الفعل بالشّبهة فعزّرناه وادّبناه، وامّا السّادس فمجنون مغلوب على عقله سقط منه التّكليف، وتفصيل الزّانيين وحكمهما يطلب من الكتب الفقهيّة.