خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
٣٩
-النور

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } عطف على يهدى الله ومعادلٌ له والمناسب للمعادلة ان يقول: ويضلّ الله عن نوره من يشاء لكنّه للاشارة الى انّ الهداية من الغايات الذّاتيّة والاضلال من الغايات العرضيّة كأنّه ليس الاّ من فعل العبد عدل عنه وقال والّذين بالنّور يعنى بعلىّ (ع) وولايته، أو عطف على جملة يسبّح له فيها ومعادلٌ له والمعنى لا يسبّح له فيها رجال { أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ } لكنّه عدل الى هذا للاشعار بانّ كون اعمالهم كسرابٍ معلّل بكفرهم، وللاشارة الى انّ عدم التّسبيح مسبّب عن كفرهم ايضاً، او عطف على جملة رجال على ان تكون خبراً لمحذوفٍ، او عطف على جملة يخافون على ان تكون مستأنفةً { بِقِيعَةٍ } القيع والقيعة والقيعان بكسرهنّ جمع القاع وهى ارض سهلة مطمئنّة قد انفرجت عنها الجبال { يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ } وهذا من التّشبيهات التّمثيليّة مثّل عمل الكافر الّذى يشبه الطّاعات الّتى تصدر عمّن قبل الولاية وصار ذا لبٍّ بتلقيح الولاية والبيعة الخاصّة الولويّة بسرابٍ يلمع لمعان الماء الجارى فى بيداء بعيدة فى نضارة صورة عمله وخلوّها عن معنى الطّاعات وفنائها من غير بقاء اثرٍ منها على النّفس وشبّه الكافر العامل لهذا العمل او النّاظر الى هذا العامل وعمله الّذى يطلب الحقّ وكان الحقّ مستوراً عنه ويفتتن بصورة هذا العمل بظمآن يفتتن بصورة السّراب، وشبّه توجّه العامل او النّاظر الى صورة هذا العمل وافتتانه به بافتتان الظّمآن واسراعه الى السّراب، وشبّه فناء العمل من غير اثرٍ منه حين الحاجة اليه بفناء السّراب حين الاتيان اليه بعد شدّة الحاجة باشتداد الظّماء بسبب سرعة الحركة وتهيّؤ شرب الماء، وشبّه وجدانه الله فى القيامة ومحاسبة الله ايّاه ومطالبته باماناته الّتى اودعها عنده بوجدان ذلك الظّمآن المسرع الى السّراب مع خيبته من مرجوّه محاسباً قويّاً مطاعاً كان له على ذلك الظّمآن ديونٌ ويطالبه بتلك الدّيون فوفّيه حسابه { وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } تهديد للكافر والنّاظر الى صورة عمله فانّ سرعة الحساب كناية عن عدم فوات الجليل والحقير عنه.