خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً
٦٢
-الفرقان

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱللَّيْلَ } لم يقل وتبارك الّذى جعل اللّيل ولا الّذى جعل اللّيل حتّى يكون تبارك مقدّراً لما ذكرنا من انّ جملة خيرات العوالم منوطة بالبروج بخلاف تعاقب اللّيل والنّهار فانّهما وان كانا موجبين لخيرات العالم لكنّهما آلتان لبروز خيرات البروج فى العالم فكأنّه قال: وهو الّذى جعل اللّيل { وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً } لبروز بركات البروج يعنى جعل كلاًّ منهما بدلاً من الآخر حتّى انّ من فاته امر فى احدهما قضاه فى الآخر، او جعل كلاًّ منهما عقيب الآخر او مخالفاً للآخر فى كيفيّة الضّوء والظّلمة والبرد والحرّ { لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً } يعتى انّهما نعمتان عظيمتان للانسان لانّ جميع مصالح معاشه بل جميع مصالح معاده ومعاشه منوطة بتعاقبهما اذا عمّم اللّيل والنّهار لجميع معانيهما التّنزيليّة والتّأويليّة، لكنّهما نعمتان عظيمتان لمن اراد الآخرة مبتدياً كان ومقلّداً وهو الّذى اراد ان يذّكّر او محقّقاً ومنتهياً وهو الّذى اراد الشّكور فانّ الشّكور عبارة عن رؤية الانعام فى النّعمة والمنعم فى الانعام ويلزمها صرف النّعمة لما خلقت له وليس الاّ فى مقام التّحقيق والخروج عن التّقليد وهذا بمنزلة قوله تعالى: { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } اشارةً الى مقام التّحقيق { { أَوْ أَلْقَى ٱلسَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق:37] اشارةً الى مقام التّقليد.