خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ
٨١
-القصص

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ فَخَسَفْنَا } بشوم عمله وسوء اعجابه بنفسه { بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ } روى انّ موسى (ع) باهلَهَ بأخيه هارون (ع) وبنيه فخسف به وبأهله وماله ومن وازره من قومه، وقيل: دعا قارون امرأةً من بنى اسرائيل بغيّاً فقال لها: انّى اعطيك الفين على ان تجيئى غداً اذا اجتمعت بنو اسرائيل عندى فتقول: قد راودنى موسى (ع) فأعطاها خريطتين عليهما خاتمه فلمّا جاءت بيتها ندمت وقالت: ما بقى لى الاّ ان افترى على نبىّ الله (ع)؟! فلمّا اصبحت اقبلت ومعها الخريطتان حتّى قامت بين بنى اسرائيل وقالت: ما قالها قارون وقالت: معاذ الله ان افترى على نبىّ الله (ع) وهذه دراهمه عليها خاتمه، فغضب موسى (ع) فدعا الله عليه فخسف به وبداره الارض، وقيل: كان قارون ممّن يحبّه موسى (ع)، وكان يقرء التّوراة مع القوم فى التّيه، وكان احسن صوتاً منهم، فلمّا طال التّيه على القوم ودخلوا فى التّوبة والبكاء امتنع قارون من الدّخول معهم فى التّوبة فدخل عليه موسى (ع) فقال له: يا قارون قومك فى التّوبة وانت قاعد ههنا؟! ادخل معهم والاّ ينزل بك العذاب فاستهان به فخرج موسى (ع) من عنده مغتمّاً، فجلس فى فناء قصره فأمر قارون ان يصبّ عليه رماد قد خلط بالماء فصبّ عليه فغضب موسى (ع) غضباً شديداً وكان فى كتفه شعرات كان ذا غضب خرجت من ثيابه وقطر منها الدّم فقال موسى (ع): يا ربّ ان لم تغضب لى فلست لك بنبىٍّ فأوحى الله عزّ وجلّ اليه: قد امرت الارض ان تطيعك فمرها بما شئت، وقد كان قارون قد امر ان يغلق باب القصر فأقبل موسى (ع) فأومى الى الابواب فانفرجت ودخل عليه فلمّا نظر اليه قارون علم انّه قد اوتى بالعذاب فقال: يا موسى اسألك بالرّحم الّذى بينى وبينك فقال له موسى (ع): يا بن لاوى لا تزدنى من كلامك، يا ارض خذيه فدخل القصر بما فيه فى الارض ودخل قارون فى الارض الى ركبتيه، فبكى وحلّفه بالرّحم، فقال له موسى: يا ابن لاوى لا تزدنى من كلامك، يا ارض خذيه فابتلعيه بقصره وخزائنه، وهذا ما قال موسى (ع) لقارون يوم اهلكه الله عزّ وجلّ فعيّره الله عزّ وجلّ بما قاله لقارون فعلم موسى (ع) انّ الله تبارك وتعالى قد عيّره بذلك فقال: يا ربّ انّ قارون دعانى بغيرك ولو دعانى بك لاجبته فقال الله عزّ وجلّ: يا ابن لاوى لا تزدنى من كلام، فقال موسى (ع): يا ربّ لو علمت انّ ذلك لك رضاً لاجبته فقال الله: يا موسى وعزّتى وجلالى وجودى ومجدى وعلوّ مكانى لو انّ قارون كما دعاك دعانى لاجبته ولكنّه لمّا دعاك وكلته اليك، وعن الباقر (ع) انّ يونس (ع) لمّا آذاه قومه الى ان قال: فألقى نفسه فى اليمّ فالتقمه الحوت فطاف به البحار السّبعة حتّى صار الى البحر المسجور وبه يعذّب قارون فسمع قارون دويّاً فسأل الملك عن ذلك فأخبره انّه يونس انّ الله حبسه فى بطن الحوت فقال له قارون: اتأذن لى ان اكلّمه؟- فأذن له فسأله عن موسى (ع): فأخبره انّه مات فبكى ثمّ سأله عن هارون (ع) فأخبره انّه قد مات فبكى وجزع جزعاً شديداً، وسأله عن أخته كلثم وكانت مسمّاة له فأخبره انّها ماتت فبكى وجزع جزعاً شديداً، قال فأوحى الله الى الملك الموكّل به ان: ارفع عنه العذاب بقيّة ايّام الدّنيا لرقّته على قرابته { فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُنتَصِرِينَ } بنفسه فاحذروا يا امّة محمّد (ص) من البغى على من نصبه الله اماماً للعباد واحذروا من الاستكبار والاختيال بما آتاكم الله من الاموال والجاه واحذروا من الاختيال بالزّينة والثّياب الفاخرة، وفى خبر: ونهى ان يختال الرّجل فى مشيته، ومن لبس ثوباً فاختال فيه خسف الله به من شفير جهنّم وكان قرين قارون لانّه اوّل من اختال فخسف الله به وبداره الارض.