خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
٤٦
-العنكبوت

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي } بالمجادلة الّتى { هِيَ أَحْسَنُ } من المجادلات او بالطّريقة الّتى هى احسن، او بالكلمة الّتى هى احسن والجدل والجدال بمعنى القتل فانّ المجادل يريد ان يقتل المجادل له الى مذهبه وذلك يتصوّر بالسّيف والضّرب والحبس والمكالمة بالشّتم والخشونة وابطال الحقّ واثبات الباطل ولكنّه خصّ فى العرف بصرف الخصم عن مذهبه بالمباحثة والمكالمة العلميّة، والمراد باهل الكتاب كلّ من آمن بنبىٍّ وكلّ من انتحل ملّة لهيّةً فيشمل اهل ملّة الاسلام ومنتحليها كما يشمل الزّردشتيّين والمهاباديّين، او المراد المعروفون بهذا الاسم وهم اليهود والنّصارى لكن يشمل الحكم اهل الاسلام بطريق التّعريض او بطريق القياس الاولوىّ، ولمّا كان اهل الملّة الالهيّة ومنتحلوها بواسطة نسبتهم الى نبىٍّ او انتحالهم النّسبة اليه ذوى حرمةٍ فى الجملة خصّهم بالذّكر من بين اقسام الكفّار اشعاراً بانّ المشركين لا حرمة لم ولا مداراة معهم، والمجادلة الحسنة ان لا يظهر باطلاً ولا يبطل باطلاً بباطل ولا يقول ما يُغيظ المجادل ولا يعنته ولا يزجره، ولا يقول مالا يتحمّلة، وينصف فى حقٍّ اظهره خصمه ولا يردّه ولا يتكلّم بما يخجله، ولا يكون همّة الغلبة عليه بل يكون همّته اصلاحه ولو كان ذلك بان يجعل نفسه مغلوبةً ان رأى صلاحه ولينه فى ذلك { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ } فى المجادلة او ظلموكم بالمقاتلة او ظلموا انفسهم باللّجاج وعدم الاستماع الى حقّكم وهذا ترخيص فى المجادلة بغير الاحسن مع الظّالمين منهم مثل قوله { { لاَّ يُحِبُّ ٱللَّهُ ٱلْجَهْرَ بِٱلسُّوۤءِ مِنَ ٱلْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ } [النساء:148] لكن لا ينبغى الخروج من حقٍّ او الدّخول فى باطل { وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ } بالاقرار بحقّيّة كتابهم ودينهم حتّى تكسر سورة لجاجهم { وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ } باظهار الاتّحاد معهم فى المبدء والمعبود حتّى يدلّ ذلك على انّكم متّحدون معهم غير مغايرين لهم فيرغّبهم ذلك فى مخالطتهم وموادّتهم لكم { وَنَحْنُ لَهُ } اى لالهكم الّذى هو الهنا { مُسْلِمُونَ } لا لغيره حتّى تعادونا بذلك وقد سبق فى سورة النّحل عند قوله: { { وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [النحل:125] شطرٌ من بيان الآية.