خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي ٱلشَّٰكِرِينَ
١٤٥
-آل عمران

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ } كأنّ المراد بالموت هاهنا معنىً اعمّ من القتل { إِلاَّ بِإِذْنِ الله } اى باباحته وهذا تقوية لقلوب المؤمنين وتسلية لهم بانّه ما اصابهم من القتل وما يصيبهم ما كان ولا يكون الاّ بعلمه وترخيصه لخروج الرّوح ولو لم يخرج ارواح المقتولين بالقتل لخرجت بالموت فما لهم يتوانون من الجهاد ويخافون من القتل ويتحسّرون على القتلى { كِتَاباً } حال من ان تموت فانّه بتأويل الموت او مفعول مطلق لفعلٍ محذوفٍ { مُّؤَجَّلاً } مؤقّتاً لا يتخلّف عن وقته بتأخير ان فرّت وتقديم ان قاتلت { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا } تعريض بمن شغلته الدّنيا ومنعه تعلّقه بها عن القتال وبمن شغلته الغنائم يوم احدٍ عن امتثال الامر كاصحاب عبد الله بن جبيرٍ وعن القتال كبعض الانصار وبمن فرّ عن القتال ذلك اليوم وترك الرّسول (ص) { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا } تعريض بمن ثبت على الامتثال كبعض اصحاب عبد الله بن جبير وبمن ثبت على القتال حتّى قتل او نجا { وَسَنَجْزِي ٱلشَّاكِرِينَ } من قبيل وضع الظّاهر موضع المضمر او المراد بالشّاكرين من بذل جهده فى سبيل الله وترك الدّنيا والآخرة وراء ظهره امتثالاً لامر الله واعلاءً لكلمته وحمايةً لدينه كعلىّ (ع) فكأنّه قال: ومن يرد وجه الله وطرح ثواب الدّنيا والآخرة فهو شاكر { وسنجزى الشّاكرين }، نسب الى الباقر (ع) انّه قال: اصاب عليّاً (ع) يوم احد ستّون جراحة وانّ النّبىّ (ص) امر امّ سليمٍ وامّ عطيّة ان تداوياه فقالتا: انّا لا نعالج منه مكاناً الاّ انفتق منه مكانٌ وقد خفنا عليه ودخل رسول الله (ص) والمسلمون يعودونه وهو قرحة واحدةٌ فجعل يمسحه بيده ويقول: انّ رجلاً لقى هذا فى الله فقد أبلى وأعذر، فكان القرح الّذى يمسحه رسول الله (ص) يلتئم فقال علىّ (ع): الحمدلله اذ لم افرّ ولم اولّ الدّبر فشكر الله له ذلك فى موضعين من القرآن وهو قوله { وسيجزى الله الشّاكرين } { وسنجزى الشّاكرين }.