خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
٧٨
-آل عمران

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ } عطف على قوله: { وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ } واتى بأداتى التّأكيد فى المعطوف لأنّه ابلغ فى الذّمّ ويتطرّق الشّكّ والانكار فيه، ولواه فتله وثناه، ويشبه ان يكون الكلام على القلب والتّقدير يلوون الكتاب بألسنتهم ومثل هذا القلب كثيرٌ، او هو على الاصل بناء على تشبيه اللّسان بالمفتول والكتاب بآلة الفتل، او على كون المعنى يحرّكون السنتهم بالكتاب، والمقصود انّهم يحرّفون الكتاب بحسب اللّفظ بالزّيادة والنّقيصة والتّبديل، وبحسب المعنى بالتّغيير عن معناه والحمل على المعنى الغير المراد، او المعنى يفتلون الكتاب بالسنتهم لا بلسان الله او يحرّكون السنتهم لا لسان الله بالكتاب { لِتَحْسَبُوهُ } اى الّذى جرى على ألسنتهم { مِنَ ٱلْكِتَابِ } لتشابهه صورة بما فى الكتاب يعنى أنّهم بارائهم وانانيّاتهم يقرؤن شيئاً من التّوراة والانجيل، او يذكرون شيئاً من أحكام شريعة موسى (ع) وعيسى (ع) بناءً على عدم اختصاص الكتاب بصورة التّوراة والانجيل لتحسبوا المقروء او المذكور ايّها السّامعون من التّوراة والانجيل، او من الشّريعتين.
تحقيق التواء الكتاب باللّسان المضاف الى النّفس
{ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ } لانّ الكتاب هو الّذى يجرى على لسان صار لسان الله لخلوّ صاحبه من نسبة الوجود الى نفسه وصيرورته وصيرورة اعضائه الات الله، وهذا المقروء وان كان بصورة الكتاب لكنّه جار على لسانٍ لا نسبة بينه وبين الله، ونقوش الكتاب وحروفه وان كانت كلّيّة لا اختصاص لها بنقش كتاب مخصوص ولا بحرف لسان مخصوص لكن شرط صدق الكتاب عليها ان تكون صادرة عن يد منتسبة الى الله، او لسان منسوب اليه كأيدى الانبياء (ع) وألسنتهم، غاية الامر ان يكون نسبة التّابع اضعف من نسبة النّبىّ (ص) المتبوع، ونظير هذه الآية قوله تعالى:
{ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ } [البقرة: 79] يعنى لا بيد الله { ثُمَّ يَقُولُونَ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً } [البقرة: 79]؛ الآية، وللاشارة الى انّه ينبغى ان يكون لسان العبد حين القراءة وكذلك يده حين الكتابة لسان الله ويده امر الله تعالى عباده بتلاوة القرآن وامر المعصومون ان يقولوا: لبّيك اللّهمّ لبّيك؛ عند قولهم: { يا ايّها الّذين آمنوا }، وان يقولوا كذلك الله ربّى؛ عند قرأة التّوحيد، وان يسبّحوا ويحمدوا ويستغفروا الله؛ عند قراءة { اذا جاء نصر الله }، وامثال ذلك ممّا يدل على انّه ينبغى ان يفرض لسان القارىء لسان الله ثمّ عومل مع المقروء نحو معاملة مقرّو الله كثيرة { وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللًّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } بل هو من عند أنفسهم ومن عند الشّيطان { وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } بهذا القول { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } انّه كذب، او هم المعدودون من العلماء، او المعنى يقولون على الله الكذب غير ما يفتلونه بالسنتهم وهم يعلمون انّه كذب.