خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ
٢٢
-الروم

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } اى سماوات الطّبع وارضه او سماوات الارواح وارضى الاشباح فى العالم الكبير او الصّغير { وَٱخْتِلاَفُ أَلْسِنَتِكُمْ } يعنى اختلاف لغاتكم فانّه يعبّر كثيراً فى العرب والعجم من اللّغات والكلمات الجارية على الالسن بالالسن او اختلاف السنتكم فى كيفيّة التّأدية مع انّكم من نوعٍ واحدٍ { وَ } اختلاف { أَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ } دالاّت على علمه وحكمته تعالى وكمال عنايته بخلقه وقدرته وارادته وسلطنته ووحدته، او دالاّت على احوال صاحب الالسن والالوان كما فى الخبر { لِّلْعَالَمِينَ } قرئ بفتح الّلام وعليها فليخصّص بالّذين حصل لهم العلم فانّ العالمين بفتح الّلام مخصوص بذوى العقول بخلاف العالم الّذى هو مفرده فانّه اعمّ من ذوى العقول وغيرهم، وذووا العقول فى الحقيقة هم الّذين حصل لهم الشّعور الانسانىّ وليسوا الاّ الّذين قذف الله فى قلوبهم نور العلم، وقرئ بكسر الّلام وهم الّذين قذف الله فى قلوبهم نور العلم لا الّذين حصّلوا الصّور الادراكيّة من امثالهم ومن الدّفاتر، وقدّم هذا الصّنف على المستمعين باعتبار اولى مراتب العلم فانّ المستمع هو الّذى حصل له مرتبة السّماع الّذى هو ثانية مراتب العلم كما فى الخبر النّبوىّ (ص) ولم يقل لقوم يعلمون كسابقه ولا حقه اشعاراً بانّ حصول العلم خصوصاً مرتبته الاولى تلويناً لا يكفى فى ادراك تلك الآيات وروى عن الصّادق (ع) انّ الامام اذا ابصر الرّجل عرفه وعرف لونه وان سمع كلامه من خلف حائطٍ عرفه وعرف ما هو، انّ الله يقول: { وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } (الآية) قال وهم العلماء فليس يسمع شيئاً من الامر ينطق به الاّ عرفه ناج او هالك فلذلك يجيبهم بالّذى يجيبهم، وهذا الخبر بيان لاحد وجوه الآية واعتبر (ع) آخر مراتب العلم، وقرأ (ع) العالمين بكسر الّلام او حمله على معنًى يوافق كسر الّلام وجعل دلالة الآيات على احوال صاحب الالسن والالوان وعلى هذا فليكن المراد بالسّماوات والارض سماوات الارواح وارض الاشباح فى العالم الصّغير لتكون فيها آيات دالاّت على احوال صاحب السّماوات والارض.