خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ
٧
-الروم

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } او المعنى اكثر النّاس لا علم لهم فانّ العلم هو الادراك الاخروىّ الّذى يكون فى الاشتداد الى جهة الآخرة وصاحب هذا الادراك قليل واكثر النّاس ادراكهم مقصور على ما يعينهم فى حيٰوتهم الدّنيويّة دون الحيٰوة الاخرويّة او لم يكن ادراكهم للامور الاخرويّة فى الاشتداد الى جهة الآخرة بل كان مصروفاً عن جهة الآخرة الى جهة الدّنيا ولذلك قال تعالى: { يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا }، ولفظة من بيانيّة او ابتدائيّة او تبعيضيّة اى يعلمون امراً ظاهراً يدركه المدارك الظّاهرة الحيوانيّة وهو عبارة عن الحيٰوة الدّنيا ولوازم بقائها او امراً ظاهراً هى الآثار النّاشئة من الحيٰوة الدّنيا من مقتضياتها وملائماتها ومنافراتها، او امراً هو بعض من الحيٰوة الدّنيا وقد عدّ فى الاخبار مثل علم النّجوم من جملة ذلك، ونعم ما قيل:

مرغ جانش موش شد سوراخ جو جون شنيد از كربكان او عرّجوا
زان سبب جانش وطن ديد وقرار اندر اين سوراخ دنيا موش وار
هم در اين سوارخ بنّائى كرفت در خود سوراخ دانائى كرفت
بيشه هائى كه مر او را در مزيد اندراين سوراخ كارآيد كزيد
زانكه دل بركند از بيرون شدن بسته شد راه رهيدن از بدن

{ وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ } الّتى هى باطن الحيٰوة الدّنيا وجهة غيبها وبعض منها { هُمْ غَافِلُونَ } الاتيان بضمير الفصل لتأكيد الحكم وللاشعار بالحصر، واستعمال الغفلة دون الجهل وامثاله للاشعار بانّ الآخرة معلومة لكلّ احد بل مشهودة لهم فى النّوم حين الرّؤيا خصوصاً عند الرّؤيا الصّادقة بل فى اليقظة بالآثار الدّالّة على وجوده من التّقليبات والدّوائر الّتى تكون فى العالم الكبير وفى العالم الصّغير، وعدم النّظر والتّوجّه اليها ليس الاّ محض الغفلة عنها لا للجهل بها، وقد مضى فى الفصل الاوّل والثّانى والثّالث فى اوّل الكتاب وعند قوله تعالى: { { لَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ ٱشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ } [البقرة:102]، من سورة البقرة تحقيق وتفصيل للعلم والفرق بينه وبين الجهل المشابه للعلم؛ من أراد فليرجع اليها.