خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
٥٣
-فصلت

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا } جوابٌ لسؤالٍ مقدّرٍ ولمّا كان القرآن خُوان اطعام الله وكان فيه وفى آياته طعام الادانى والاعالى والكافر والمؤمن والضّال والمهتدى كما يرى من تمسّك كلّ فرقة فى مذهبهم به، ونعم ما قيل:

منعم كامل جو خوانباشى بود برسر خوانش زهر آشى بود

كان الآية بالنّسبة الى كلّ فرقة جواباً لسؤالٍ غير ما للفرقة الاخرى فكأنّه قيل: بالنّسبة الى الجاحدين والمنكرين: متى يعترف هذه الفرقة؟ - فقال تعالى: سنريهم آياتنا { فِي ٱلآفَاقِ } بالنّقص فى اموالهم وانفسهم بانواع البلايا الّتى كانت خارجة من عاداتهم { وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ } بانواع الامراض والاوجاع { حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ } اى لمن لم يكن له استعداد التّوبة والسّعادة عند معاينة الموت، ولمن كان له استعداد التّوبة قبل ذلك { أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } فيتوب من يتوب ويشقى من يشقى، وكأنّه قيل بالنّسبة الى الضّالين المتحيّرين فى الله او فى الرّسالة او فى الولاية: متى يهتدون ويخرجون من التّحيّر والضّلال؟ - فقال تعالى: سنريهم آياتنا الدّالّة على مبدءٍ عليمٍ قديرٍ حكيمٍ رؤفٍ رحيمٍ، او على صدق رسولنا (ص) ورسالته، او على الولىّ (ع) وولايته فى الآفاق من الآيات السّابقة وجبران ما فات منهم، وترتّب الفوائد الكثيرة على البلايا الواردة فى الآفاق وفى انفسهم ممّا ذكر سابقاً وممّا يشاهدونها فى المنام او فى اليقظة من تبدّلات احوالهم ومن بسطاتهم وقبضاتهم وممّا القى فى قلوبهم من العلوم والخوف والاستبشار حتّى يتبيّن لهم انّ الله حقّ او الرّسول (ص) حقّ او عليّاً (ع) حقّ، وكأنّه قيل بالنّسبة الى المسلم الّذى كان واقفاً عن الولاية: متى يظهر عليهم حقيّة الولاية؟ - فقال تعالى: سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم حتّى يتبيّن لهم انّ الله هو الحقّ المضاف الّذى هو علىّ (ع)، وبالنّسبة الى المؤمن الّذى بايع البيعة الخاصّة الواقف عن مقام الحضور سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم حتّى يتبيّن بظهور ولىّ الامر فى صدورهم انّه الحقّ، وبالنّسبة الى من كان له مقام الحضور عند ربّه قوله تعالى { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ } ولكون هذا لمن كان له مقام الحضور أتى بالخطاب عامّاً او خاصّاً بمحمّد (ص) { أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } حاضر أتى بعلى للاشارة الى احاطته بكلّ شيءٍ ولذلك قال { أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ }.