خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ
١٥
-الحجرات

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ } بعد ما نفى ايمانهم بمحض البيعة العامّة بيّن انّ الايمان ليس محض البيعة العامّة وقال: انّما المؤمنون { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } اى باعوا البيعة الخاصّة الّتى بها يحصل الايمان والدّخول تحت احكام القلب وقبول احكام الولاية فبقوا عليه حتّى يظهر لهم آثار الولاية ويصلوا الى حدود القلب ولذلك أتى بثمّ وقال { ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ } فانّ البائع البيعة الخاصّة قلّما ينفكّ عن الارتياب والاضطراب فى اوّل الامر، واذا ظهر عليهم آثار الولاية وظهر لهم رذائل الصّفات وخصائلها حصل لهم الاطمينان وجاهدوا لا محالة مع جنود الشّيطان ولدفع الرّذائل وجلب الخصائل ولذلك قال { وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ } من الاعراض الدّنيويّة والاعراض النّفسانيّة والقوى البدنيّة والوجاهة الانسانيّة، ونسب الافعال والاوصاف الى انفسهم { وَأَنفُسِهِمْ } من انانيّاتهم الّتى هى اصل سيّئاتهم وشرورهم { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } الخارجون من الاعوجاج.
اعلم، انّ الايمان الحاصل بالبيعة الخاصّة وقبول الدّعوة الباطنة امّا يكون صاحبه فى مقام الصّدر غير خارجٍ منه الى نواحى القلب وهذا لا يخلو من اضطرابٍ فى بعض الاحيان ولا يخلو من صرف الاعمال عن جهتها الالهيّة الى الجهات النّفسانيّة فلا يخلو ايضاً من اعوجاجٍ، واذا خرج من حدود الصّدر الّذى هو محلّ الاسلام الى حدود القلب الّذى هو محلّ الايمان صار خارجاً من الارتياب ومن الاعوجاج الّذى هو مداخلة اغراض النّفس فى الاعمال الالهيّة، وكأنّ القسم الاوّل غير خارج عن حقيقة الاسلام وغير داخل فى حقيقة الايمان وان كان يحصل بالبيعة الخاصّة صورة الايمان ولهذا قال الصّادق (ع) فيما ورد عنه: انّما تمسّكتم بأدنى الاسلام فايّاكم ان يفلت من ايديكم، وللاشارة الى حقيقة الايمان الّتى بها يحصل الصّدق فى الاعمال ويرتفع الارتياب قال: { ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ } (الى آخر الآية) وللاشارة الى حصول صورة الايمان بمحض البيعة الخاصّة قال: { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } يعنى بالبيعة الخاصّة لانّ المخاطبين كانوا بائعين بالبيعة العامّة فلم يكن المراد البائعين البيعة العامّة وانّما اقتصر على ذكر الاوصاف والآثار للمؤمنين لانّه ان قال: انّما المؤمنون الّذين باعوا البيعتين او باعوا البيعة الخاصّة او البيعة الولويّة لكان المنافقون طلبوا ذلك وزاحموا النّبىّ (ص) بذلك وآذوه طلباً لذلك.