خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُل لاَّ يَسْتَوِي ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٠٠
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
١٠١
قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ
١٠٢
-المائدة

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قُل } يا محمّد (ص) لامّتك { لاَّ يَسْتَوِي ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ } يعنى ذكّرهم بهذه الكبرى الكلّيّة البديهيّة حتّى يكونوا على ذكر منها وعلى الحذر من الخبيث والرّغبة فى الطّيّب حين عراهم خبيث او طيّب من الاعمال والاخلاق والاوصاف والحيوان والانسان بان يقولوا هذا خبيث او طيّب وكلّ خبيث مكروه وكلّ طيّب مرغوب فيه، والمنظور هو المقصود من كلّ مقصود وهو ولاية علىّ (ع) وولاية اعدائه فانّ طيبوبة علىّ (ع) لا ينكره احد { وَلَوْ أَعْجَبَكَ } كلام من الله والخطاب لمحمّد (ص) يعنى يا محمّد (ص) قل لهم لا يستويان لو لم يعجبك ولو اعجبك { كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ } او جزء مفعول للقول والخطاب حينئذٍ لغير معيّن يعني قل لهم لا يستويان ولو أعجبكم كثرة الخبيث فانّ السّنخيّة الغالبة فى وجود الاكثر مع الخبيث تقتضى اتّباع الخبيث وكثرته، وعدم السّنخيّة بين الخلق والطّيّب يقتضى عدم اتّباعه وكون القلّة فى جانبه { فَ } لا تنظروا الى الكثرة ولا تغفلوا عن الطّيبوبة و { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } فى ترك الطّيّب واتّخاذ الخبيث { يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } فانّكم المخاطبون المعتنى بكم لا غيركم فانّهم ليس لهم تميز الطّيّب من الخبيث حتّى يستحقّوا الخطاب بترك الخبيث { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ } يعنى ان تسألوا لا محالة عنها فحين ينزّل القرآن نظهره عليكم فقوله حين ينزّل القرآن متعلّق بتبد، عن امير المؤمنين (ع) خطب رسول الله (ص) فقال: "انّ الله كتب عليكم الحجّ" فقال عكاشة بن محصن وروى سراقة بن مالك: افى كلّ عام يا رسول الله (ص) فاعرض عنه حتّى عاد مرّتين او ثلاثاً فقال رسول الله: "ويحك وما يؤمنك ان اقول: نعم والله لو قلت: نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ولو تركتم كفرتم فاتركونى ما تركتم فانّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على انبيائهم فاذا أمرتكم بشيءٍ فأتوا منه ما استطعتم، واذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه" ، فالمراد بالسّؤال عن اشياء ان تبدلكم تسؤكم كثرة السّؤال والمداقّة فيما كلّفوا به وقد ورد، انّ بنى اسرائيل شدّدوا على انفسهم بكثرة السّؤال والمداقّة عن البقرة الّتى امروا بذبحها فشدّد الله عليهم، وروى انّ صفيّة بنت عبد المطّلب مات ابن لها فأقلبت فقال عمر غطّى قرطك فانّ قرابتك من رسول الله (ص) لا تنفعك شيئاً فقالت: هل رأيت قرطاً يا ابن اللّخنأ، ثمّ دخلت على رسول الله (ص) وبكت وشكت فخرج رسول الله (ص) فنادى: الصّلوة جامعة فاجتمع النّاس، فقال: "ما بال أقوام يزعمون انّ قرابتى لا تنفع لو قد قمت المقام المحمود لشفعت فى خارجكم، لا يسألنى اليوم احدٌ من ابوه الاّ اخبرته" ، فقام اليه رجلٌ فقال من ابى يا رسول الله؟ - فقال: ابوك غير الّذى تدعى له، ابوك فلان بن فلان، فقام آخر فقال: من ابى يا رسول الله؟ - قال: ابوك الّذى تدعى له ثمّ قال رسول الله (ص) ما بال الّذى يزعم انّ قرابتى لا تنفع لا يسألنى عن ابيه، فقام اليه عمر فقال له اعوذ بالله يا رسول الله (ص) من غضب الله وغضب رسول الله اعف عنّى عفا الله عنك، فأنزل الله الآية وعلى هذا فالمعنى لا تسألوا عن اشياء سترها الله عليكم من انسابكم ان تبد لكم تسؤكم، ويمكن التّعيمم لكلّ ما كان ظهوره سبب الاساءة من التّكاليف والانساب والاخلاق والاوصاف والاعمال من السّائل ومن غيره { عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا } صفة اخرى لاشياء اى لا تسألوا عن اشياء تركها الله ولم يبيّنها لكم او استيناف لاظهار العفو عن المسئلة الّتى سبقت { وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ } اى الاشياء الّتى فى ظهورها الاساءة لكم { مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ } حيث كرهوها فكفروا بها ولم يقبلوها او كفروا برسلهم (ع) بسببها.