خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَالِغَةُ فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
١٤٩
-الأنعام

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ قُلْ فَلِلَّهِ ٱلْحُجَّةُ ٱلْبَالِغَةُ } فى كلّ ما قال وما فعل { فَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } فله الحجّة فى صدق هذا القول وقد اظهرها لى يعنى لى الحجّة فى تعليق اشراككم وتحريمكم على مشيّة المفهوم من مفهوم قولكم لو شاء الله ما اشركنا لا لكم وله الحجّة فى ترك تلك المشيّة ومشيّة ضدّه، اعلم، انّ مشيّة الله وهى اضافته الاشراقيّة الّتى بها وجود كلّ ذى وجود كالرّحمة والارادة عامّة وهى الّتى بها وجود كلّ ذى وجودٍ امكانىٍّ بكمالاته الاولويّة والثّانوية فى سلسلة النّزول والصّعود مثل الرّحمة الرّحمنيّة وخاصّة، وهى الّتى بها وجود الكمالات الثّانويّة للمكلّفين فى سلسة الصّعود مثل الرّحمة الرّحيميّة وتسمّى بالرّضا والمحبّة { { وَلاَ يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ ٱلْكُفْرَ } [الزمر:7] { { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } [المائدة:54] اشارة اليها فالمشيّة العامّة لها السّببيّة لكلّ ذات وفعل وصفة لكنّ الفاعل ما لم يخرج عن حدّ نفسه ولم ينظر الى مشيّة الله بنور بصيرته ويرى نفسه فاعل فعله كما يشعر به قولهم ما اشركنا بنسبة الاشراك الى انفسهم ما صحّ له نسبة الفعل او تعليقه على المشيّة وكان مذموماً كاذباً فى نسبة فعله الى المشيّة، وبهذا ايضاً يصحّ ذمّهم فى قولهم لو شاء الله ما اشركنا بتعليق عدم الاشراك اى الاهتداء على المشيّة مع اثبات هذا التّعليق بقوله { { وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } [النحل:9] وكذلك المشيّة الخاصّة لها السّببيّة فى الافعال التّكليفيّة الصّالحة، فلو ارادوا تلك المشيّة فالجمع بين ذمّهم على قولهم واثبات قولهم بمثل ما ذكر فى المشّية العامّة ولمّا ابطل قولهم ذلك بعدم البرهان وعدم علمهم فى انفسهم اراد ان يبطل علمهم التّقليدىّ ايضاً باستحضار الرّؤساء الّذين قلّدوهم والزمهم جهلهم وضلالتهم حتّى يتبيّن لهم انّ تقليدهم فاسد، وانّ التّقليد يصحّ اذا كان تقليداً لمن نصبه الله للتّقليد كالانبياء واوصيائهم وغيرهم كائناً من كان لا ينفكّ عن الهوى وتقليده اتّباع للهوى فقال { قُلْ }.