خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَٰرُ وَقَالُواْ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
٤٣
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَنَزَعْنَا } فى الدّنيا او فى الجنّة { مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } الغلّ بالكسر الحقد وتشبيه الغلّ بالثّوب واستعمال النّزع فيه استعارة تخييليّة وترشيح للاستعارة، والمقصود انّه تعالى يطهّر صدور المؤمنين من موجبات الغلّ من الكدورات الدّنيويّة والصّفات الرّذيلة النّفسانيّة حتّى تصفو صدورهم من الحقد والحسد، خصوصاً بالنّسبة الى اخوانهم المؤمنين وكذا من العجب والرّياء والشّك والشّرك الخفىّ فلا يبقى فى صدروهم الاّ الودّ الخالص والصّدق التّام { تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ } الجملة حاليّة او مستأنفة جواب لسؤالٍ مقدّرٍ او خبرٌ بعد خبر { وَ } بعد ما صارت صدورهم مصفّاة ممّا يؤذيهم ومقامهم مأمناً عمّا لا يلائمهم ومجالسوهم فارغين ممّا يسوؤهم { قَالُواْ } تبجّحاً وشكراً { ٱلْحَمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي هَدَانَا لِهَـٰذَا } المقام او هذا الفضل والمراد بالهداية الايصال الى المطلوب او الى طريق المطلوب مع تهيّة اسباب سلوكه { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلاۤ أَنْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } قالوا ذلك لانّهم كانوا مؤمنين بالغيب غير مشاهدين فلمّا شاهدوا ما آمنوا به فرحوا بما شاهدوا او اظهروه لغاية السّرور { وَنُودُوۤاْ أَن تِلْكُمُ ٱلْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } يعنى ما كنتم تعملون سبب من طرف القابل لا انّه سبب فاعلىّ. اعلم، انّ الانسان بانسانيّته له قوّة الوصول الى الجنان وبفطرته له النّسبة الى العقل الكلّىّ ومظهره الّذى هو النّبىّ (ص) والولىّ (ع) وبتلك النّسبة يصحّ نسبة الابوّة والبنوّة بينهما تكويناً ويصحّ نسبة الاخوّة بين كلّ الاناسىّ تكويناً، فاذا اتّصل هذه النّسبة بالنّسبة التّكليفيّة بالبيعة العامّة النّبويّة او الخاصّة الولويّة تقوى تلك النّسبة وظهرت بحيث يصير الولد والداً والوالد ولداً، وبتلك النّسبة وقدر ظهورها يرث الولد من والده بعضاً من ملكه او جميع ممالكه واذا لم يتّصل النّسبة التّكوينيّة بالنّسبة التّكليفيّة لا بالبيعة ولا حال الاحتضار انقطعت لا محالة، واذا انقطعت نسبته عن الوالد الّذى هو العقل الكلّىّ ومظهره لم يرث منه شيئاً وورثه ما كان ينبغى ان يرثه هو اخوه المناسب له فى بعض الجهات فصحّ ان يقال اورثتموها من الله او من العقل او من مظهر العقل، وصحّ ان يقال اورثتموها من اهل الجحيم كما يصحّ ان يقال: اهل الجحيم اورثوا منازل اهل الجنّة من الجحيم وقد مضى تحقيق الايراث وكيفيّته.