خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٨
-الأعراف

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ } الوزن تعيين قدر الشّيء ووزن كلّ شيء بحسبه وكذا ميزانه، وتبادر تحديد الاجسام الثّقيلة من لفظ الوزن وما به يوزن الاجسام الثّقيلة من الميزان بسبب شيوعه بين العامّة والاّ فلا اختصاص له بها فميزان الاجسام الثّقيلة هو ذو الكفّتين والقبّان والكيل وميزان المتكمّمات القارّة الشّبر والذّرع والفرسخ، وميزان الغير القارّة السّاعات والايّام والشّهور والاعوام، وميزان المغشوش من الفلزّات وغيره المحكّ والنّار، وميزان الاعمال صحيحها وسقيمها العقل، ولا سيّما العقل الكامل اعنى النّبى (ص) والولىّ (ع)، وما أسّسنا لتحديد الافعال والاقوال والاحوال والعقائد وسائر العلوم فميزان الاعمال القالبيّة المعاشيّة هو العقل الجزئىّ المدبّر لدفع الضّرّ وجلب النّفع، وميزان المعاديّة منها هو الاتّصال بالنّبىّ (ع) بالكيفيّة المخصوصة المقرّرة عندهم بالبيعة العامّة النّبويّة وصدورها من جهة ذلك الاتّصال من تصرّفات الخيال والشّيطان، وثقل هذا الميزان باتّصال الاعمال بالنّبىّ (ع) او خليفته وجذبها ايّاه الى جهة عاملها او جذبها عاملها الى النبىّ (ع) او خليفته وخفّتها بانقطاعها عن هذا الميزان وعدم جذبها ايّاه الى عاملها، ولمّا كان لكلّ من صفحتى النّفس العمّالة والعلاّمة جهتان سفليّة وعلويّة، شيطانيّة وملكيّة فلا غر وفى ظهورهما يوم العرض بصورة ذى الكفّتين ويظهر مثل تلك فى الآخرة، لانّه كما سبق كلّ ما وجد فى النّفس والعالم الصّغير يظهر مثله فى العالم الكبير فى الآخرة فلا وجه لانكار بعض ظهور ذى الكفّتين ووزن الاعمال به، وكذلك ميزان الاعمال القلبيّة هو الاتّصال بالإمام بالكيفيّة المقرّرة والبيعة الخاصّة الولويّة وصدورها من جهة ذلك الاتّصال وثقلها باتّصالها وخفّتها بانقطاعها مطلقاً او حين العمل بالغفلة عن الاتّصال، وبتفاوت الاتّصال بالشّدّة والضّعف يتفاوت الاعمال فى الثّقل فالمتّصل بالصّورة البشريّة اقلّ ثقلاً، والمتّصل بملكوت الامام تعمّلاً اكثر ثقلاً، والمتّصل بملكوته من غير تعمّل اكثر ثقلاً، والمتّصل بجبروته بمراتبها اكثر ثقلاً، والمتحقّق به هو الثّقيل المطلق، فلكلّ عمل موازين عديدة من بشريّة النّبىّ (ص) او الامام (ع)، وقوله وفعله وملكوته وجبروته، ولكلٍّ مراتب عديدة، وكلّ مرتبة ميزان الاعمال المتّصل بتلك المرتبة، هذا اذا اريد بالحقّ معناه الوصفىّ اللّغوىّ اى الثّابت المحقّق، وامّا اذا اريد معناه العرفىّ اى الحقّ المضاف والولاية المطلقة ولذا جيء به معرّفاً باللاّم مشيراً الى الحقّ المعهود، فالمعنى انّ الوزن يعنى الميزان يومئذٍ الولاية ولمّا كان للولاية مراتب كما انّ لعلىّ (ع) مراتب بحسب بشريّته وملكوته وجبروته وحقيّتّه، وكما انّ للعالم مراتب بحسب ملكوته السّفلىّ وملكه وملكوته العليا وجبروته بمراتب كلّ منها، وكلّ مرتبةٍ منها ميزان لما يناسبها ويوافقها قال تعالى { فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } بصيغة الجمع ووجه الثّقل والخفّة قد عرفت { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } فانّ الفلاح بالانجذاب الى العلو والمتّصل منجذب الى العلو بخلاف المنقطع فانّه قد ينجذب الى السّفل وهو الجحيم.