خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
٧٢
وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي ٱلأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ
٧٣
-الأنفال

تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالايمان العامّ بقبول الدّعوة الظّاهرة والبيعة العامّة { وَهَاجَرُواْ } من دار الشّرك الى مدينة الرّسول (ص) { وَجَاهَدُواْ } مع اعداء الرّسول (ص) { بِأَمْوَالِهِمْ } ببذلها على أنفسهم وعلى المجاهدين فى الجهاد { وَأَنْفُسِهِمْ } ببذلها بالقتل فى سبيل الله حالكونهم { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } او فى حفظ سبيل الله وهو النّبوّة او فى تحصيل سبيل الله وهو الولاية، او المعنى انّ الّذين آمنوا بالايمان العامّ من افراد الانسان فى العالم الكبير ومن اولاد آدم الّذين هم القوى الانسانيّة فى العالم الصّغير وهاجروا من اوطان شركهم النّفسانيّة الى مدينة صدورهم الّتى هى مدنية رسولهم الباطنىّ، وجاهدوا فى سبيل الله الّذى هو سبيل القلب بأموالهم الحقيقيّة الّتى هى قواهم ومداركهم بتضعيفها بالرّياضات والمجاهدات، او المعنى انّ الّذين آمنوا بالايمان الخاصّ بالبيعة الخاصّة وهاجروا من اوطان شركهم الى مدن صدورهم وجاهدوا بأموالهم الحقيقيّة وأنفسهم حال كونهم فى سبيل الله وهو طريق الولاية الموصلة لسالكها الى الفناء فى الله او فى حفظ سبيل الله وكلّ المعانى لكونها مترتّبة متصاعدة طوليّةً لا عرضيّة مرادة من غير لزوم استعمال اللّفظ فى اكثر من معنىً كما مرّ مراراً { وَٱلَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ } هم الانصار الصّوريّة بحسب المعنى الاوّل وبحسب المعانى الاخر من يليق بها { أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } اولياء المحبّة ادّاه بصورة الخبر اشارة الى انّ ولاية المحبّة لازمة لهم او اولياء الميراث كما ورد فى الاخبار وورد انّها منسوخة بآية اولوا الارحكام بعضهم اولى ببعضٍ { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالبيعة العامّة او بالبيعة الخاصّة { وَلَمْ يُهَاجِرُواْ } من دار الشّرك الصّوريّة او من دار الشّرك النّفسانيّة { مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ } لانّهم لم يقرنوا وصلهم الصّورىّ الحاصل بالبيعة الصّوريّة بالوصل المعنوىّ بالخروج فى طريق الخليفة الصّوريّة او الباطنيّة فلم يتّصلوا معنىً بكم ولا بمن اتّصلتم به فلا ولاية ولا اتّصال بينكم وبينهم فلا توارث ولا موادّة بينكم وبينهم { حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ } لافى الامور الدّنيويّة اعتباراً لمفهوم القيد { فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ } لانّ وصلتهم الصّوريّة لها حرمة وعليكم بها حقّ لهم { إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ } فانّ الميثاق وان كان حقّه وحرمته ادون من البيعة والاسلام لكن هو ايضاً وصلة بنحو ولها حرمة ولا قوّة للوصلة الاسلاميّة من دون اقترانها بالوصلة المعنويّة بحيث تفوق تلك الوصلة { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ } من موالاة من امرتم بموالاته وترك موالاة من امرتم بترك موالاته { بَصِيرٌ وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ } بترك البيعة النّبويّة او الولويّة { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } بحكم السّنخيّة والمجانسة والاّ فهم كالكلاب الضّارية يعضّ بعضها بعضاً، نعم اذا رأت غير جنسها اتّفقت وحملت مجتمعةً عليه:

متّحد جانهاى شيران خداست جان كركان وسكان ازهم جداست

{ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ } يعنى ما ذكرنا من الموالاة وتركها انّما هو لصلاح نظام المعاش مؤدّيا الى نظام المعاد لانّه يورث الاتّحاد فى الآراء، وفى ترك موالاة المؤمنين المهاجرين وموالاة الكفّار وان كانوا ارحاماً يحصل اختلاف الآراء وبه يحصل فساد نظام المعاش وفى فساد للنّاقصين فساد نظام المعاد فالمراد بالفتنة اختلاف الآراء المستتبع للفاسد { فِي ٱلأَرْضِ } ارض العالم الكبير وارض العالم الصّغير { وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } لتجرّى الكفّار باختلاف آرائكم عليكم واطّلاعهم بموالاتكم على ما يمكنهم الغلبة به عليكم.