{ إنما مثل الحياة الدنيا }، قيل: صفة الحياة الدنيا، وقيل: شبه الحياة الدنيا في سرعة زوالها وفنائها { كماء أنزلناه من السماء } وهو المطر { فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس } كالحبوب والبقول والثمار { والأنعام } أي ومما تأكل الأنعام، وهي الابل والبقر والغنم كالحشيش وسائر أنواع المراعي { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها } أي حسنها وبهجتها بأنواع الألوان { وظنّ أهلها } أي ملاكها { انهم قادرون عليها } أي قادرون على الانتفاع بها { أتاها أمرنا } أي قضاؤنا بهلاك تلك الزينة { ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً } أي مقطوعة مقلوعة، والمعنى محصودة صرفت إلى فعيل { كأن لم تغن بالأمس } كأن لم يكن نعيمها { كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون } فيه فيؤديهم إلى العلم { والله يدعو إلى دار السلام } يريد الجنة، وقيل: يفشو السلام بينهم وتسليم الملائكة عليهم، وقيل: السلام السلامة لأن أهلها سالمون من كل مكروه { ويهدي من يشاء } بالألطاف التي تدعوهم إلى طريق الحق { إلى صراط مستقيم } طريق واضح { للذين أحسنوا الحسنى } قيل: أحسنوا إلى عبادة الله سبحانه واتبعوا أمره ونهيه، وقيل: أحسنوا العمل في الدنيا فأحسن الله تعالى اليهم في الآخرة بالحسنى الحياة { وزيادة }، قيل: "غرفة من لؤلؤ واحدة لها أربعة أبواب" عن أمير المؤمنين، وقيل: الزيادة أن لا يحاسبهم على النعم في الدنيا، وقيل: الزيادة مغفرة من الله ورضوان، وقيل: تضعيف الحسنات من عشر إلى سبع مائة ضعف { ولا يرهق وجوههم } لا يغشاها { قتر } غبرة فيها سواد { ولا ذلة } ولا أثر هوان ولا كسوف { والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها } ولا يزيد على المستحق لأنه يكون ظالماً بخلاف الزيادة في الثواب { كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً } لشدة سواده وهو أقبح السواد { ويوم نحشرهم جميعاً } أي نجمع الخلق إلى يوم القيامة { ثم } يقول هو سبحانه ويحتمل أن { نقول } بأمره { للذين أشركوا مكانكم } لا تبرحون { أنتم وشركاؤكم } عطف عليهم، قوله تعالى: { فزيلنا بينهم } ففرقنا بينهم وقطعنا الوصل التي كانت بينهم في الدنيا { وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون } إنما كنتم تعبدون الشياطين حيث أمركم أن تتخذوا لله أنداداً وهم الملائكة والمسيح ومن عبدوه من دون الله من أولي العقل، وقيل: الأصنام ينطقها الله بذلك فكان الشفاعة التي زعموها { هنالك } في ذلك المقام وفي ذلك الوقت { تبلو كل نفس ما أسلفت } أي تختبر وتذوق ما قدمت من العمل فتعرف كيف هو أقبيح أم حسن، نافع أم ضار، مقبول أو مردود { وردوا إلى الله } تعالى يعني إلى موضع حكمه فلا يحكم فيه غيره { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي ضاع عنهم ما كانوا يدعون أنهم شركاء لله تعالى وبطل عنهم ما كانوا يختلفون فيه من الكذب وشفاعة الآلهة.