خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
٢٤
وَٱللَّهُ يَدْعُوۤاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٢٥
لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٦
وَٱلَّذِينَ كَسَبُواْ ٱلسَّيِّئَاتِ جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ مُظْلِماً أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
٢٧
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُمْ مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ
٢٨
فَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ
٢٩
هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّآ أَسْلَفَتْ وَرُدُّوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ مَوْلاَهُمُ ٱلْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٣٠
-يونس

تفسير الأعقم

{ إنما مثل الحياة الدنيا }، قيل: صفة الحياة الدنيا، وقيل: شبه الحياة الدنيا في سرعة زوالها وفنائها { كماء أنزلناه من السماء } وهو المطر { فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس } كالحبوب والبقول والثمار { والأنعام } أي ومما تأكل الأنعام، وهي الابل والبقر والغنم كالحشيش وسائر أنواع المراعي { حتى إذا أخذت الأرض زخرفها } أي حسنها وبهجتها بأنواع الألوان { وظنّ أهلها } أي ملاكها { انهم قادرون عليها } أي قادرون على الانتفاع بها { أتاها أمرنا } أي قضاؤنا بهلاك تلك الزينة { ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً } أي مقطوعة مقلوعة، والمعنى محصودة صرفت إلى فعيل { كأن لم تغن بالأمس } كأن لم يكن نعيمها { كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون } فيه فيؤديهم إلى العلم { والله يدعو إلى دار السلام } يريد الجنة، وقيل: يفشو السلام بينهم وتسليم الملائكة عليهم، وقيل: السلام السلامة لأن أهلها سالمون من كل مكروه { ويهدي من يشاء } بالألطاف التي تدعوهم إلى طريق الحق { إلى صراط مستقيم } طريق واضح { للذين أحسنوا الحسنى } قيل: أحسنوا إلى عبادة الله سبحانه واتبعوا أمره ونهيه، وقيل: أحسنوا العمل في الدنيا فأحسن الله تعالى اليهم في الآخرة بالحسنى الحياة { وزيادة }، قيل: "غرفة من لؤلؤ واحدة لها أربعة أبواب" عن أمير المؤمنين، وقيل: الزيادة أن لا يحاسبهم على النعم في الدنيا، وقيل: الزيادة مغفرة من الله ورضوان، وقيل: تضعيف الحسنات من عشر إلى سبع مائة ضعف { ولا يرهق وجوههم } لا يغشاها { قتر } غبرة فيها سواد { ولا ذلة } ولا أثر هوان ولا كسوف { والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها } ولا يزيد على المستحق لأنه يكون ظالماً بخلاف الزيادة في الثواب { كأنما أغشيت وجوههم قطعاً من الليل مظلماً } لشدة سواده وهو أقبح السواد { ويوم نحشرهم جميعاً } أي نجمع الخلق إلى يوم القيامة { ثم } يقول هو سبحانه ويحتمل أن { نقول } بأمره { للذين أشركوا مكانكم } لا تبرحون { أنتم وشركاؤكم } عطف عليهم، قوله تعالى: { فزيلنا بينهم } ففرقنا بينهم وقطعنا الوصل التي كانت بينهم في الدنيا { وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون } إنما كنتم تعبدون الشياطين حيث أمركم أن تتخذوا لله أنداداً وهم الملائكة والمسيح ومن عبدوه من دون الله من أولي العقل، وقيل: الأصنام ينطقها الله بذلك فكان الشفاعة التي زعموها { هنالك } في ذلك المقام وفي ذلك الوقت { تبلو كل نفس ما أسلفت } أي تختبر وتذوق ما قدمت من العمل فتعرف كيف هو أقبيح أم حسن، نافع أم ضار، مقبول أو مردود { وردوا إلى الله } تعالى يعني إلى موضع حكمه فلا يحكم فيه غيره { وضل عنهم ما كانوا يفترون } أي ضاع عنهم ما كانوا يدعون أنهم شركاء لله تعالى وبطل عنهم ما كانوا يختلفون فيه من الكذب وشفاعة الآلهة.