خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ
٣٧
وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ
٣٨
فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ
٣٩
حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ
٤٠
وَقَالَ ٱرْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ ٱللَّهِ مَجْريٰهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ
٤١
وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَٱلْجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يٰبُنَيَّ ٱرْكَبَ مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ ٱلْكَافِرِينَ
٤٢
قَالَ سَآوِيۤ إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ ٱلْمَآءِ قَالَ لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا ٱلْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُغْرَقِينَ
٤٣
-هود

تفسير الأعقم

{ واصنع الفلك بأعيننا } أي بعلمنا، وقيل: بحفظنا، وروي أن نوحاً (عليه السلام) اتخذ السفينة في سنتين وكان طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسين ذراعاً، وطولها في السماء ثلاثون ذراعاً، وكانت من خشب الساج، وجعل لها ثلاثة بطون فحمل في الأسفل الوحوش والسباع والهوام، وفي البطن الأوسط الدواب والأنعام، وركب هو ومن معه في البطن الأعلى مع ما يحتاج إليه من الزاد، وحمل معه جسد آدم وجعله مفترضاً بين الرجال والنساء، وعن الحسن: كان طولها ألفا ومئتي ذراع وعرضها ستمئة ذراع، وروي أن الحواريين قالوا لعيسى (عليه السلام): لو بعثت لنا رجلاً شهد السفينة يحدثنا عنها، فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثيب من تراب فأخذ كفاً من ذلك التراب فقال: أتدرون من هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: هذا كعب بن حام، فضرب الكثيب بعصاه وقال: قم بإذن الله، فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه وقد شاب فقال له عيسى: أهكذا هلكت؟ قال: لا متُّ وأنا شاب ولكني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت، قال: حدثنا عن سفينة نوح، قال: كان طولها ألف وعرضها ستمئة ذراع وكانت ثلاث طبقات فقال له: عد بإذن الله كما كنت، فعاد تراباً روى ذلك جار الله (رضي الله عنه) { حتى إذا جاء أمرنا }، قيل: عذابنا، وقيل: أمرنا بإهلاك قومه { وفار التنور } نبع الماء منه، قيل: نبع الماء من موضع لا يعهد خروجه منه علامة لنوح وهو تنور الخبز عن ابن عباس، وقيل: انفجر الماء من وجه الأرض، وقيل: فار التنور طلع الفجر ونور الصبح عن علي (عليه السلام)، وروي أن التنور كان لآدم (عليه السلام)، وقيل: تنور لنوح (عليه السلام) وهو تنور الخبز، لأن عليه أكثر أهل التفسير فاسلك فيها { من كل زوجين اثنين } يعني ذكراً وأنثى من كل صنف من الحيوان { وأهلك } أي واحمل أهلك والمؤمنين من غيرهم واستثنى من أهله { من سبق عليه القول } إنه من أهل النار قال الضحاك: أراد ابنه وإمرأته { وما آمن معه إلاَّ قليل } روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال "كانوا ثمانية نوح وأهله امرأته المسلمة وبنوه الثلاثة ونساؤهم" ، وقيل: كانوا عشرة خمسة رجال وخمس نساء، وقيل: كانوا اثنين وسبعين رجلاً وامرأة وأولاد نوح سام وحام ويافث ونساؤهم { وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها } والباء في بسم الله باء الحال كما تقول خرج بسلاحه أي متسلحاً ومثله دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به فيصير تقديره اركبوا متبركين باسم الله، وقيل: إنه كان اذا أراد أن تجري قال: بسم الله فجرت، وإذا أراد أن يرسي قال: بسم الله فرست، وإن نوحاً أمرهم بالركوب ثم أخبرهم بأن مجراها ومرساها باسم الله وبأمره وقدرته { وهي تجري بهم } أي تجري وهم فيها { في موج كالجبال } يريد موج الطوفان فإن شبه كل موجة منه كالجبل في تراكمها وارتفاعها { ونادى نوح ابنه }، قيل: كان اسمه كنعان بن نوح، وقيل: يام { وكان في معزل }، والمعزل: مفعول من عزله عنه إذا نحّاه وأبعده يعني وكان في مكان عزل فيه نفسه عن أبيه، وقيل: كان في معزل عن دين أبيه { يا بني اركب معنا } ومتى قيل: كيف دعاه وهو كافر وقد نهى عن ركوب الكفار، قيل: كان ينافق أباه، وقيل: دعاه بشرط الايمان { قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء } أي يمنعني { قال لا عاصم اليوم من أمر الله } أي لا مانع من أمر الله وهو الغرق { إلاَّ من رحم } ورحمة الله تعالى يوجبها للمؤمنين.