{ولو أن قرآناً سيّرت به الجبال} جواب لو محذوف أي لو كان هذا {أو قُطِّعَت به الأرض} الآية نزلت في جماعة من كفار قريش منهم أبو جهل، وعبد الله بن أمية المخزومي، قالوا: يا محمد إن كان هذا القرآن حقاً فسيّر لنا جبال مكة حتى تنفسح لنا فإنها أرض ضيقة، واجعل لنا فيها عيونا وأنهاراً فنزلت الآية {سيِّرت به الجبال} على وجه الأرض {أو قطِّعت به الأرض} أي شقت وجعلت أنهاراً وعيوناً {أو كلِّم به الموتى} أي وأحيي به الموتى لكان هذا القرآن {بل لله الأمر جميعاً}، وقوله: {أفلم ييأس الذين آمنوا} أي من إيمان هؤلاء الكفار {أَن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً} أي لو شاء ألجأهم إلى ذلك {ولا يزال الذين كفروا}، قيل: أراد جميع الكفار {تصيبهم بما صنعوا} من كفرهم وتكذيبهم {قارعة} أي مهلكة، وقيل: داهية وعقوبة من قتلٍ وأسرٍ، وقيل: أراد بالقارعة سرايا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) {أو تحل} أي أو تحل أنت {قريباً من دارهم} أي أو تحل القارعة قريباً من دارهم {حتى يأتي وعد الله} وهو موتهم أو القيامة، وقيل: هو فتح مكة وكان الله تعالى قد وعده ذلك {ولقد استهزئ برسل من قبلك} كما استهزأ هؤلاء بك {فأمليت للذين كفروا} أي أمهلتهم ليتوبوا ويتدبروا ولتتم عليهم الحجة {ثم أخذتهم} بالعقاب والهلاك {فكيف كان عقاب} أي كيف رأيتم عذابي لأولئك كذلك يكون هؤلاء وفيه تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) {أفمن هو قائم على كل نفس} صالحة أو طالحة {بما كسبت} احتجاج عليهم في إشراكهم بالله تعالى، يعني فالله هو الذي هو قائم رقيب على كل نفس صالحة وطالحة بما كسبت يعلم خيره وشره، أي كمن ليس هو كذلك وهي الأوثان {وجعلوا لله شركاء} من خلقه يعبدونهم {قل سموهم} يعني ليس لهم اسم له مدخل في باب الإِلهية وذلك استحقار بهم، وقيل: جعلتم له شركاء فسموهم له من هم وبينوهم بأسمائهم {أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض} يعني تخبرونه بما لا يعلم يعني إلا أن تضيفوها بما لا يصلح أن يعلم أنه تعالى لا يعلم لنفسه شريكاً {أم بظاهر من القول} يعني يقولون قولاً لا حقيقة له، ذلك قولهم بأفواههم ما تعبدون من دونه إلاَّ أسماء سميتموها {بل زين للذين كفروا مكرهم}، قيل: إنما زين ذلك شياطين الجن والإِنس {ومن يضلل الله فما له من هاد}، قيل: يحكم لضلالته، وقيل: من أضله عن طريق الجنة {لهم عذاب في الحياة الدنيا} يعني يجمع لهم بين عذاب الدنيا والآخرة {ولعذاب الآخرة أشق} أي أشد على النفوس {وما لهم من الله من واق} من دافع يدفع عنهم العذاب {مثل الجنة التي وعد المتقون} يدخلونها {تجري من تحتها الأنهار} أي من تحت أشجارها وأبنيتها {أكلها دائم} أي مأكولاتها وثمارها دائمة لا تنقطع {وظلها} يعني دائم ظلها فلا يكون فيه شمس ولا حرٌّ ولا بردٌ {تلك عقبى الذين اتقوا} أي هذه الجنة عاقبة أمر المتقين وعاقبة أمر {الكافرين النار}.