خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَيْءٍ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ
١٨
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحقِّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ
١٩
وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ
٢٠
وَبَرَزُواْ لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا ٱللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ
٢١
وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوۤاْ أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
٢٢
-إبراهيم

تفسير الأعقم

{ مثل الذين كفروا بربهم } أي مثل { أعمالهم كرماد } الخبر { اشتدت به الريح } أي حملته الريح عند هبوبها { في يوم عاصف } يقال: عصفت الريح إذا اشتدت { لا يقدرون } يوم القيامة من أعمالهم { مما كسبوا } من أعمالهم { على شيء } أي لا يرون له أثراً من الثواب كما لا يقدرون من الرماد المطير في الرياح على شيء { ذلك هو الضلال البعيد } إشارة إلى بعد ضلالتهم عن طريق الحق { ألم تر } أي ألم تعلم يا محمد أو أيها السامع { أن الله خلق السماوات والأرض بالحق }، قيل: الحق هو الدين والعبادة يعني يعبدونه، وقيل: خلقهما للجزاء يوم القيامة { ان يشأ يذهبكم } أي يهلككم أيها الكفار { ويأت بخلق جديد } سواكم من بني آدم أطوع منكم، وقيل: من غير بني آدم ذكره في الغرائب والعجائب ومعنى الجديد القريب العهد، قوله تعالى: { وما ذلك على الله بعزيز } أي ممتنع متعذر { وبرزوا لله جميعاً } أي وبرزوا لله يوم القيامة وإنما جيء بلفظ الماضي لأن ما أخبر به تعالى كأنه قد كان وَوُجِد لصدقه سبحانه ونحوه { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار } ونظائر ذلك، ومعنى بروزهم لله عز وجل والله سبحانه لا يتوارى عنه شيء حتى يبرزوا له، إنهم كانوا يتوارون ويستترون عن العيون عند ارتكابهم الفواحش ويظنون أن ذلك خاف على الله تعالى، فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله تعالى عند أنفسهم وعلموا أن الله لا يخفى عليه خافية، وخرجوا من قبورهم فبرزوا لحساب الله وحكمه { فقال الضعفاء } هم الأتباع والعوام { للذين استكبروا } ساداتهم الذين صدوهم عن الاستماع للأنبياء وأتباعهم { انا كنا لكم تبعاً } تابعين لما قلتم { فهل أنتم مغنون عنا } دافعون عنا العذاب الذي نزل بنا { قالوا } يعني القادة للاتباع { لو هدانا الله لهديناكم } أي لو خلصنا الله من العذاب وأدخلنا الجنة للثواب لهديناكم لخلصناكم من العذاب لكن لا مطمع فيه لنا ولكم { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا } روي أن أهل النار يقولون: تعالوا نجزع، فيجزعون خمس مائة عام فلا ينفعهم، فيقولون: تعالوا نصبر، فيصبرون كذلك فلا ينفعهم فيقولون: سواء علينا أجزعنا أم صبرنا { ما لنا من محيص } أي منجا ومهرب { وقال الشيطان لما قضي الأمر } هو إبليس، وقوله لما قضي الأمر قطع وفرغ منه وهو الحساب بين الخلائق، قيل: إنما يقول ذلك عند وصول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وروي أن الشيطان عند ذلك يقوم خطيباً في الأشقياء من الجن والانس فيقول: { إن الله وعدكم وعد الحق } وهو البعث والجزاء على الأعمال فوفى لكم بما وعدكم { ووعدتكم } خلاف ذلك { فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان } أي من تسليط وقهر فأقسركم على الكفر والمعاصي وألجئكم إليها { إلا أن دعوتكم } أي إلاَّ دعائي إياكم إلى الضلالة بوسوستي وتزييني ولم يكن لي عليكم قدرة غير ذلك { فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } حيث اغتررتم وأطعتموني إذ دعوتكم ولم تطيعوا ربكم إذ دعاكم، هذا دليل على أن الانسان هو الذي يختار الشقاوة أو السعادة ويحصلهما لنفسه، وليس من الله تعالى إلاَّ التمكين ولا من الشيطان إلاَّ التزيين، ولو كان الأمر كما تزعم المجبرة لقال: فلا تلوموني ولا أنفسكم فإن الله قضى عليكم الكفر وأجبركم عليه، تعالى الله عن ذلك { ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي } يعني لا ينجي بعضنا بعضاً من عذاب الله ولا يغيثه، والإِصراخ: الإِغاثة { إني كفرت بما أشركتمون } الآن بإشراككم إياي { من قبل } هذا اليوم وهو يوم القيامة مثل قوله تعالى: { ويوم القيامة يكفرون } بشرككم.