{ويجعلون لما لا يعلمون} يعني هؤلاء المشركين، قيل: بصرف الكناية إلى المشركين لا يعلمون، وقيل: تعود إلى الأصنام، ومعنى لا علم لها أنهم سموها آلهة، ويعتقدون فيها أنها تضر وتنفع وتشفع عند الله، وهي جماد لا تضر ولا تنفع، وقيل: الضمير في لا يعلمون للآلهة أي لأشياء غير موصوفة بالعلم ولا يشعروه اجعلوا لها {نصيباً} في أنعامهم وزروعهم أم لا، وكانوا يجعلون ذلك لهم تقرباً إليهم {تالله لتسألن عما كنتم تفترون} وعيدٌ لهم، يعني تفترون من الإِفك في زعمكم أنها آلهة، قوله تعالى: {ويجعلون لله البنات} كانت خزاعة وكنانة يقولون الملائكة بنات الله {سبحانه} تنزيهاً لذاته {ولهم ما يشتهون} يعني النبيين {وإذا بُشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسوّداً وهو كظيم} مملوٌّ حنقاً على المرأة {يتوارى من القوم من سوء ما بشر به} يستخفي منهم من أجل سوء المبشّر به، ومن أجل تعييرهم، وينظر الممسك ما بشّر به {أيمسكه على هون} على هوان وذلّ {أم يدسّه في التراب} ويخفيه، والذي فعل ذلك مضر، وكنانة، وخزاعة، وتميماً، كانوا يدفنون البنات خوف الفقر {ألا ساء ما يحكمون} في دفن البنات {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء}، قيل: النار، وقيل: صفة الجهل والكفر {ولله المثل الأعلى} مثل الصفات العلى والأسماء الحسنى {ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم} أي لو يعجل عقوبتهم على ظلمهم وكفرهم {ما ترك عليها} على الأرض {من دآبَّة} أي من حيوان يدب، فإن قيل: هذا الظالم يستحق العقوبة بظلمه فما بال سائر الحيوانات يؤاخذوا؟ قالوا: عذاباً للظالم، ومحبَّة لغير الظالم، هو كالأمراض النازلة بالمؤمنين، وعن أبي هريرة أنه سمع رجلاً يقول: أن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال: بلى والله، حتى الحبارى تموت في كورها بظلم الظالم، وذلك أن شؤم ظلمهم يمسك المطر، ويضيق الرزق، فيؤدي إلى هلاك الحيوان، وقيل: ما ترك على ظهرها من دابة من أهل الظلم والشرك {ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى} وقت معلوم وهو الموت {فإذا جاء أجلهم} وقت الموعد {لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} {ويجعلون لله ما يكرهون} لأنفسهم من البنات، وقيل: يضيفون اليه ما يكرهون إضافته، وقيل: يضيفونه بأن له ولد {وتصف ألسنتهم الكذب} يعني يكذبون فيما يقولون {أن لهم الحسنى}، قيل: الجنة في الآخرة إن كان محمد صادقاً في البعث، وقيل لهم: من الله المنزلة الحسنة وقيل لهم: الصفات الجميلة {لا جرم} وعيد مقطوع به معناه حقّاً لهم النار، وقيل: بل {إن لهم النار}، وقيل: لا بد ولا محالة {وانهم مفرطون} مقدمون إلى النار معجلون اليها من أفرط فلاناً ومن قرأ بالكسر والتخفيف من أفرط بالمعاصي والتشديد من التفريط في الطاعة وما يلزمهم.